لا يزال نهر الليطاني يعاني، أما الفضيحة فمستمرة، أو لنقل الكارثة وأبعد منها، فما استجد في موضوع مرملة العيشية – قضاء جزين لا تنحصر تداعياته في الجانب البيئي فحسب، ولا الصحي أيضا، وإنما يطاول كل هذه الفوضى على مستوى بعض إدارات الدولة ووزاراتها ومؤسساتها، ولا نعلم أين يُصنف الإعتداء على الليطاني من موضوع محاربة الفساد؟ أم أن مرملة العيشية “بنت بيت” ولا يجوز تكدير خاطرها خصوصا وأنها حائزة على ترخيص من وزارة الداخلية والبلديات؟ ومن ثم من يجبر خاطر الليطاني بسائر التعديات؟!
ومن مفارقات الصدف أن تبين وبما لا يدعو للشك أن المرملة المستوفية الترخيص غير مستوفية الشروط البيئية، مفارقة برسم المعنيين، عل تكون ثمة إجابة تردم الهوة بين الواقع والاستنساب، بين البيئة والاستباحة، بين الدولة ومصادرة سلطاتها بالقانون إن لزم الأمر، وبالفوضى دائما من النهر إلى البحر.
ثلاثة قرارات متناقضة
لكن المهزلة لم تستمر، ومن محاسن الصدف أنه لم يكتب لها أن تظل ماثلة كأمر واقع، وساعد في ذلك شجب بعض القوى السياسية الأمر، ولم تكن “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” إلا متيقظة كما هو حالها دائما، فعملت انطلاقا من مسؤولياتها وبما يقتضيه القانون، غير أن ثمة أمورا تتطلب تفسيرا، فالنائب العام الإستئنافي في الجنوب رهيف رمضان أوقف العمل بالمرملة أمس، فيما المرملة مرخصة من وزارة الداخلية، وتبين لاحقا أنها غير مستوفية الشروط البيئية، فإلام استندت الجهات المعينة حين أجازت العمل وأعطت الرخصة؟
وما يثير الاستغراب أن تكون ثمة ثلاثة قرارات رسمية صادرة عن الدولة، فما هذه السلطة التي تتبنى قرارات متناقضة في موضوع مرملة؟
تحديد الاضرار البيئة
تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” خاطبت وزارة الداخلية لوقف رخص وأعمال الحفر في جبال العيشية، لا بل عممت مشاهد وثقت من خلالها الفضيحة، وبينت مدى تأثير أعمال الحفر العشوائية (المرخصة) على مصادر مياه الينابيع الجوفية والموارد المائية، وأكدت على ضرورة المسارعة إلى إجراء تحقيق لإثبات تورط الجهات الفنية في “المجلس الاعلى للمقالع والكسارات” الذي أعطى الرأي الفني “بعدم تأثير المحفار على الموارد المائية”.
وتابعت الفرق الفنية في المصلحة أعمال المسح في جبال العيشية، من أجل تحديد الأضرار البيئة ومنع أي اشغال على الأرض وايقاف الآليات، وبالتوازي، قام فريق الثروة المائية في “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” بالكشف على الينابيع في موقع مرملة العيشية، والذي يثبت عدم قانونية قرار المجلس الاعلى للمقالع والكسارات الذي يعتبر ألا تأثير للمرملة.
الوزير جريصاتي
وفي سياق متصل، أشار وزير البيئة فادي جريصاتي إلى أن الترخيص المعطى لاستثمار محافر الرمل الصناعي في جبال العيشية غير صادر عنه، وأنه يعمل على إيقاف الأشغال في جبال العيشية لحماية الموارد البيئية ونهر الليطاني.
وفي هذا السياق أيضا تابع رئيس مجلس النواب نبيه بري عن كثب ملف المرامل في منطقة العيشية، مستنفرا الجهود الادارية والشعبية لمنع العبث البيئي في جبال العيشية وسائر منطقة جبل الريحان، وأجرى لهذه الغاية سلسلة من الاتصالات مع الجهات المعنية، وأعطى تعليماته لمصلحة الليطاني للتواصل مع الجهات كافة لإجراء المقتضى القانوني لوقف الاعمال بشكل فوري.
إخلاء الموقع من الآليات والحفارات
وبعد إيقاف الأعمال في محفار الرمل في العيشية، طلبت “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” من المدعي العام الاستئنافي في الجنوب إلزام صاحب الترخيص بإخراج الآليات من الموقع خلال ٤٨ ساعة تحت طائلة حجزها.
وجاء قرار النائب العام الاستئنافي في الجنوب واضحا لجهة إلزام مستثمري محفار الرمل على العقار ١١٧٤ العيشية الموقوف عن العمل بإخلاء الموقع من الآليات والحفارات المستخدمة في الاشغال.
بناء لطلب “المصلحة الوطني لنهر الليطاني” وبموجب إشارة للنائب العام الاستئنافي، تم إخلاء كافة الآليات والحفارات في موقع محفار الرمل على العقار ١١٧٤ العيشية، وجرى رفع سواتر ترابية لإغلاق الطريق أمام الآليات.