وقاحةُ وزير الخارجية الأميركي الأسبق “جون كيري”، في مؤتمر جنيف 2 عندما قال: “الرئيس السوري بشار الأسد لن يكون جزءا من هذه الحكومة الانتقالية، ولا يمكن أن نتخيّل أن هذا الرجل الذي قاد ردا وحشياً ضد شعبه يمكن أن يستعيد الشرعية للحكم”. ردَّ عليها عميد الدبلوماسية السورية  “وليد المعلم” قائلاً:  ” لا أحد في العالم (سيد كيري…)، لا أحد،  له الحق في إضفاء الشرعية أو عزلها، أو منحها لرئيسٍ، أو حكومةٍ أو دستورٍ…في سوريا إلا السوريين أنفسهم”، فجاء الرد كصفعةٍ للوحش الأميركي.

وكان “المعلم” قد وجه قبلها في عام 2011 ، صفعة الى وزير الخارجية الفرنسي الأسبق  “آلان جوبيه”، عندما وصف بوقاحةٍ الرئيس الأسد: بأنه “فاقد للشرعية، ولا يمكن أخذه على محمل الجد”، يومها قال “المعلم” بثقة الدبلوماسي المُحنك، ساخراً: “من يعش ير” إِنّ “كانت أيام النظام معدودة”، وأضاف معلقاً: “اقول له -عيش وبتشوف- إذا كتب له الله طول العمر”.

لم تتوقف وقاحة قادة الدول الإستعمارية، في تصريحاتهم حول سوريا، معتبرين إيَّاها إحدى مستعمراتهم، ففي كلمته في الأمم المتحدة منذ أيام، قام الرئيس التركي “رجب طيب إردوغان”، بعرضِ خريطةٍ تشرح حدود “المنطقة الآمنة”(المحتلة)، في الشمال السوري، قائلاً أنها ستكون بطول حوالي 480 كيلومتر ، وعمق 30 كيلومتر، وأنه : يُخطط لإسكان مليوني سوري فيها، ليأتيه الرد قوياً من “المعلم” مؤكداً أن “أنقرة مدعومة من دول غربية، تستميت في حماية التنظيمات الإرهابية في إدلب كما فعلوا سابقاً، عند كل تقدم للجيش السوري بمواجهة الإرهاب”.

صحيح أنَّه بضغطٍ من لص اسطنبول، وافقت الولايات المتحدة الأميركية(الداعم الرئيس للقوات الكردية الإنفصالية)، على تشكيل اللجنة الدستورية، رغم علمها بأن ليس فيها تمثيل لأي فصيلٍ كردي، وأنها لم تعترض على ذلك، إلا أنَّ تخليَّها (دبلوماسياً) عن دعم الأكراد،  في حربهم مع الدولة السورية، يُحسب نصراً للدبلوماسية السورية التي فرضت شروطها للمشاركة(في اللجنة الدستورية)، واعترضت على أسماء ووافقت على أخرى.

في أعمال الدورة الـ 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة ، وكعادته في  المحافل الدولية، تجاهل “المعلم” كل أعداء سوريا، لا بل وسَخِّرَ متعمداً عندما سأله أحد الصحافيين عن رأيه بما قاله “بومبيو”، قائلاً : “من هذا بومبيو لا أعرفه”، وكأني به قائلاً: “لا وزن عندنا لوزير خارجية أكبر دولة استعمارية في العالم”.

Diplomatic_missions_of_Syria

“المعلم” تجاهل الأمين العام للجامعة العربية “أحمد أبو الغيط”، الذي تقدم إليهِ، في خطوةٍ غريبةٍ نوعاً ما، في عالم الدبلوماسية،  وصافحه بحرارة ، قائلاً : “مساء الخير! يعني مش معقول. إزَّيَك”، فيما كان  “المعلم” بارداً، جدياً و رسمياً جداً معه، لدرجة بدا التذلل على “أبو الغيط”، فيما بدا الوفد السوري منتشياً بالنصر، وعيونهم تقول لأبو الغيط :” اذهب أنت وجامعتك الى الجحيم”.

وضع الدبلوماسي الذي قال عام 2011 : “سننسى أن أوروبا على الخارطة”، في كلمته على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، خمس نقاطٍ أساسيةٍ بشأن اللجنة الدستورية، كانت قد  اتفقت عليها الحكومة السورية والمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا “غير بيدرسن” خلال زيارته الأخيرة لدمشق، وقال بثقة المنتصر، هذه شروطنا ونقطة انتهى.

في الوقت الذي تحوَّل “ترامب” ومعه “ملك الرمال” (داخلياً وخارجياً) الى كراكوزات مضحكة، أثبتت الدبلوماسية السورية جدارتها، فبدأت برسمِ شبه خارطة طريق، تُفضي الى تحويل معركة إدلب (الأخيرة)، الى حرب على الورق و في الأروقة، كما بدأت تدفع باتجاه الإتفاقيات الدولية، بهدفٍ نهائي هو إجبار الجيش التركي بشكلٍ أو بآخر، على الإنسحاب من المنطقة، وإيقاف دعمه للمجموعات الإرهابية، لتُشل بذلك جبهة النصرة وأخواتها، بموازاة تخلي الأميركي عن دعمه للفصائل الكردية(فتفقد بذلك قوتها وتخمد)، مقابل أن يضمن الروس طرف الكرد بعدم تنفيذ أعمالٍ عسكريةٍ في الأراضي التركية، لتعود المنطقة الى حضن الدولة السورية.

من نافلة القول أنَّ جهود الدبلوماسيين السوريين، ستُثمِر بالتوازي مع تضحيات الجيش، خلاصاً آزلياً للشعب السوري من أتون الحرب وأوجاعها، فقط عندما تنجح في وضع دستور لدولةٍ علمانية، واحدة، مستقلة، تكون حقوق الشعب فيها “تابو” ممنوع المساس به.

فهل ستُحدِد مُخرِجات اللجنة الدستورية، خواتيم الحرب، بالتوازي مع طرح دستورٍ جديدٍ للتصويت الشعبي؟  من يعش ير.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This