رغم أن الأزمات البيئية باتت تطال مختلف دول العالم، و في حين أن البيئة باتت تشكّل استحقاقًا أساسيًا في زمن الإحترار المناخي مع ما يرافقه من تداعيات مدمّرة، فإن الحاجة باتت ملحّة أكثر من أي وقت مضى لإدراج المفاهيم البيئية في المناهج التربوية وزرع أهمية الإهتمام بالبيئة في عقول أطفال اليوم الذين هم جيل المستقبل ويملكون القدرة على التغيير.
مهما اختلفت السياسات والثورات الإجتماعية، السياسية أو الإقتصادية، فبدون بيئة نظيفة ومشاريع تنمية مستدامة لن يتبقى للمواطن أي بلد يثور فيه ولأجله.
رحلة موقعنا مع ضرورة نشر التوعية البيئية وإدخالها في المناهج التربوية قديمة ولطالما نادينا بضرورة التطبيق السريع، وفي هذا الإطار، أطلق المنتدى العربي للبيئة والتنمية “أفد” منذ يومين تقريره عن التربية البيئية في البلدان العربية، بالإستناد إلى معلومات من وزارات التربية والجامعات، ومراجعات لمئات الكتب المدرسية، بسبب غياب الأرقام الدقيقة عن وضع التربية البيئية.
التقرير الذي حرّره نجيب صعب ركّز بشكل أساسي على أنه يجب تجسيد القناعة بالدور الرئيسي الذي يجب ان تحظى به البيئة في الأنظمة التعليمية ودمج المفاهين البيئية بشكل فعّال في المناهج المدرسية والجامعية على نطاق المنطقة العربية كلها.
وفي خلاصة الموضوع، يشدّد التقرير، على أنه من الضروري تعزيز المحتوى البيئي للمناهج المدرسية، من حيث المفاهيم التي تغطيها، وكذلك في ما يتعلق بدقة المعلومات. ولا بد من مناقشة الجوانب البيئية في المناهج الدراسية في سياق أهداف التنمية المستدامة، بطريقة تربط البيئة بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية، وإعطاء الأولوية للإدارة السليمة للموارد الطبيعية لتحقيق الاستدامة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إدخال مفهوم البصمة البيئية، إلى جانب خيارات النمو الأخضر، مع التركيز على أوضاع البلدان العربية. كما ينبغي تعزيز النشاطات اللامنهجية والعمل المجتمعي
وفي حين تواجه المنطقة العربية العديد من التحديات البيئية، بما في ذلك إدارة الموارد الطبيعية المحدودة والمتناقصة، وآثار استخراج وإنتاج النفط والغاز، ونقص المياه، والجفاف والأراضي القاحلة، وأنواع مختلفة من التلوث، بالإضافة إلى تغيُّر المناخ. يعتبر التقرير أنه من المهم إعداد مقرّر جامعي حول البيئة والاستدامة، يكون متاحاً لطلّاب السنة الأولى من جميع الاختصاصات.. تماماً كما ينبغي تصميم المحتوى البيئي لإعداد الطلاب بشكل مناسب ليكونوا مواطنين مسؤولين، وتزويدهم المعرفة الكافية لوضعهم على الطريق الصحيح نحو التعليم العالي وظروف العمل المهني المحترف. فلم يعد مقبولاً أن يبقى محتوى المناهج البيئية المدرسية محصوراً في الطبيعة والتلوث والأمور ذات العلاقة بالصحة، بل يجب توسيع نطاقها لتعالج إدارة الموارد وقضايا مستجدّة ملحّة مثل تغيُّر المناخ والاستهلاك المستدام. ولا يمكن تحقيق هذا إلا بإدماج التربية البيئية في جميع الصفوف والمواضيع، أكانت علمية أم اجتماعية أم أدبية، إبتداءً من سن الطفولة المبكرة.
في النهاية، ولكي يصبح تحقيق هذه الأهداف ممكناً، على البلدان العربية بحسب التقرير تشجيع التربية البيئية من خلال وضع سياسات ملائمة، والتعجيل في وتيرة البحث العلمي الذي يوفر حلولاً للتحديات البيئية الإقليمية. وفي نهاية المطاف، يجب أن تصبح المواضيع البيئية جزءاً أساسياً ومتأصلاً في جميع المناهج العربية، عوض أن تكون هامشية أو اختيارية.