لا تزال أزمة المياه تتصدر المشاكل على الصعيد العالمي، إذ أنّ هناك العديد من الدول غير القادرة على حل هذه المشكلة المتعددة أسبابها، منها ما يتعلق بتغيير المناخ ومنها ما يتعلق بسوء الإدارة.
فوفقاً للبيانات التي يوفرها معهد الموارد العالمي، تعاني 17 دولة تضم نحو ربع سكان العالم، إرتفاعاً شديداً في الإجهاد المائي، أي كمية المياه التي يمكن الحصول عليها، من المصادر الجوفية والسطحية مقارنة بالكمية المتاحة.
370 مليون عربي يعاني
ولا تقتصر هذه البيانات على الدول الغربية، بل أيضاً للدول العربية حصّة في ذلك. ومن بينها قطر، فلسطين، لبنان ،الأردن ،ليبيا ،الكويت ،السعودية ،الإمارات ، البحرين، وعُمان.
في حين، تواجه 8 دول عربية أخرى إرتفاعاً في الإجهاد المائي، هي اليمن ، المغرب ، الجزائر ،تونس ،سوريا ،جيبوتي ،العراق، ومصر.
وفي المحصلة، فإن أكثر من 370 مليون مواطن عربي يعاني من أزمة مياه حادة أو مرتفعة.
في حين تتعدد مخاطر هذا الأمر، التي قد تطال الناحية الإقتصادية لهذه الدول. في هذا السياق، يحذر تقرير مشترك صدر عن منظمة الأغذية الزراعة للأمم المتحدة (الفاو) و”البنك الدولي”، في أغسطس (آب) 2019 ، من أنّه تتسبب ندرة المياه المرتبطة بالمناخ في الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا بخسائر إقتصادية تُقدّر بما بين 6 و14 في المائة، من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050، وهي النسبة الأعلى في العالم.
في حين تشمل الخسائر الإقتصادية، إرتفاع معدلات البطالة، بفعل تأثير ندرة المياه على سبل العيش التقليدية، مثل الزراعة. والنتيجة يمكن أن تكون إنعدام الأمن الغذائي، وإضطرار الناس للهجرة، إلى جانب تزايد الإحباط من حكومات غير قادرة، على ضمان تقديم الخدمات الأساسية، وهو ما قد يصبح محركاً آخر لعدم الإستقرار.
نزوح 24 مليون شخص
واللافت أن العديد من المناطق التي تعاني من “إجهاد مائي شديد”، تقع في مناطق الصراعات، حيث يمكن أن تصبح المياه عاملاً مساهماً في إذكاء نارها. كما تعاني العديد من المناطق التي تضطر إلى إستيعاب أعداد كبيرة من النازحين من إجهاد مائي.
لذلك فإن إيجاد الحلول السريعة، أصبح ضرورة. إذ أنّه وخلال نصف القرن الماضي، إرتفع المعدل العالمي لكمية المياه العذبة، المستخرجة من مصادر المياه الجوفية والسطحية، بمقدار مرتين ونصف المرة.
كما سجل الطلب على المياه لري المحاصيل، زيادة بأكثر من الضعف، حيث يستهلك الري الزراعي نحو 67 في المائة من المياه المستخدمة كل عام. وتتجاوز هذه النسبة 80 في المائة في المنطقة العربية.
وعلى الرغم من تضاعف الإستخدام المنزلي للمياه، بمقدار ستة أضعاف خلال الفترة ذاتها، فإن نسبته لا تتجاوز 10 في المائة فقط من كمية المياه المستخرجة. في حين تستهلك الصناعات نحو 21 في المائة من إجمالي عمليات سحب المياه.
بناءً عليه، حذرت منظمات عدّة تابعة للأمم المتحدة، من أن تغيُّر المناخ سيفاقم من ندرة المياه. ووفقاً لتوقعات إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وإستناداً للإتجاهات الحالية، ستؤدي ندرة المياه في بعض المناطق القاحلة وشبه القاحلة إلى نزوح ما بين 24 مليوناً، و700 مليون شخص بحلول عام 2030.
طلب متزايد وبحث عن حلول
في ظل تزايد الطلب على إستهلاك المياه، فلا بد من إيجاد حلول ناجحة لتوفيرها. لذا ولمواجهة أزمة المياه، تطبق الدول العربية عدداً من الإجراءات، تشمل على سبيل المثال، تقييد إستهلاك المياه لبعض الإستعمالات، كما فعلت السعودية بحظر زراعة الأعلاف، التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، والتحوّل إلى مصادر الطاقة المتجددة لخفض النفقات، وتوفير الطاقة لتحليّة المياه المالحة، وإعادة ضخ المياه المعالجة، لتغذية الأحواض المائية الجوفية كما فعلت أبوظبي.
كذلك يمكن إتباع إجراءات أخرى للتكيُّف مع ندرة المياه، تشمل إلى جانب الإصلاحات المؤسساتية تحديث أنظمة الري، وتغيير أنماط زراعة المحاصيل، وتطوير مصادر مياه جديدة كحصاد مياه الأمطار، ومعالجة ملوحة التربة وتدوير المياه العادمة، وتسعير المياه، والتوسع في قطاع الطاقة المتجددة، بوصفها مصدراً لدعم المياه والغذاء.