بعد مخاض عسير، رغم الأيام المعدودة، ولدت حكومة الرئيس حسان دياب التي وعد أن تتشكّل من المتخصصين في القضايا المطروحة، وفي حين تحوم حولها الإعتراضات  السياسية من قبل بعض الأطراف من جهة، والشعبية من قبل المحتجين على استمرار النهج السابق في التشكيل.. وبغض النظر عن أحقيّة هذا الإعتراض من عدمه، فإن دميانوس قطار بات وزيرًا للبيئة!

بعيدًا من التشكيك بقدرة قطّار على إدارة مرفق أساسي وملف حسّاس كموضوع النفايات الذي سجّل الكثير من الأخذ والردّ من جهة وبات حديث العالم  لعدم قدرة الدولة على حلّه /ن جهة أخرى، إلا أنه من البديهي بعد الإطلاع على السيرة الذاتية، الإشارة إلى أن معاليه لا علاقة له بالبيئة لا من قريب ولا من بعيد!!

فهو أكاديمي وخبير اقتصادي لبناني، مؤسس وعميد كليّة إدارة الأعمال في الجامعة الأنطونية وشغل منصب وزير المالية في عام 2005!!

لذلك فإن صفة المتخصّص بعيدة كل البعد عن معاليه، ورغم اقتناعنا بضرورة إعطاء كل إنسان فرصة لإثبات قدرته على إدارة الأمور وحلّ المعضلات، تبقى الأيام والأشهر المقبلة هي الكفيلة بالحكم على هذه الفعالية، وتبقى الأولويّة بالنسبة لنا الإضاءة على أولويات الوزير المعني لحلّ معضلة شغلت لبنان والعالم وكان تداعياتها مقلقة على الصحة والإقتصاد معاّ .

من جهته، أعرب قطار خلال حفل التسلّم والتسليم بينه وبين فادي جريصاتي عن ثقته بأن “الجهد الذي تمّ بشكل تراكمي في هذه الوزارة وبمجهود كبير وبصلاحيات ضيّقة يمكن أن نتقدم في المرحلة المقبلة”، مؤكدا أن “موضوع البيئة ليس موضوع ادارة بل هو مثل دراجة هوائية بدولابين: دولاب الارادة ودولاب الادارة.الارادة تنطلق من المنازل الى البلديات الى اصحاب المصالح والسلطة، واذا استطعنا أن نشبك شبكة الارادة بشكل صحيح فهي الدولاب الامامي الذي يدفع الى الامام، أما الدولاب الخلفي فهو الادارة اي ادارة البيوت والاحياء والبلديات ومستوى الدولة والمجتمع المدني وكل السلطات المعنية بإدارة البيئة”. ورأى أنه “اذا شبكنا الارادة مع الادارة تتقدم ليس فقط وزارة البيئة الى واقع أقوى بل يتقدم لبنان الى واقع أفضل، الناس تريد كل شيء بسرعة وتبيّن معنا أن هذا النوع من الادارة يوصلنا الى ازمات كبرى، وأعتقد أننا في هذه الوزارة ليس لدينا وقت لبعض المواضيع إنما لدينا وقت لنفكّر ونفعل في مواضيع أعمق وأبعد”.

في المقابل، يعتبر الخبير البيئي الدكتور ناجي قديح أنه على وزير البيئة الجديد أن يقطع نهائيا  السياسات الفاشلة والمدمرة التي كانت تعتمدها الحكومات السابقة وتصوغها فرق المستشارين في الوزارة وفي غيرها من المؤسسات التي طغت على دورها وتحكمت بمسارت الملفات البيئية المختلفة، ورعت النهب الفظيع والتدمير الكبير والتدهور الفاضح والتلويث الخطير لكل أوساط البيئة، مما هدد الأمان الصحي للشعب اللبناني بأكبر المخاطر… عليه القطع النهائي مع تلك السياسات والخطط التي وضعت لاعتماد المحارق باعتبارها صفقة “العصر” لمافيا النفايات في لبنان

أما  عن ماذا عليه أن يعمل؟  فيشير قديح إلى أنه يجب أن يعتمد استراتيجية الإدارة المتكاملة والإقتصاد الدائري في ملف النفايات عبر تنفيذ دقيق لكل مراحلها التي تبدأ بالفرز من المصدر وتعزيز مراكز الفرز الآلي واليدوي وتحسين نسب استرداد الموارد القابلة للتدوير ومعالجة وتصنيع وتطوير عمليات استرداد كل المكونات الأخرى، والتخلص السليم بيئيا والمقبول لناحية الكلفة والآمن صحيا من متبقيات عمليات الإدارة المتكاملة…

التخطيط السليم في مجال ملفات البيئة الأخرى مثل المقالع والكسارات والمرامل بما يحفظ موارد لبنان الطبيعية ويحافظ على ثروته الغابية والحرجية وتنوعه البيولوجي…

الحفاظ على البحر والشواطيء، وعلى الثروة المائية واعتماد استراتيجية حديثة لاستثمار الثروة المائية بحيث يتم الإستغناء الكامل عن سياسة بناء السدود واستبدالها بسياسة ترشيد وعقلنة استثمار الثروة المائية الجوفية المتجددة والسطحية والمحافظة على جودتها وحمايتها من التلوث والتدهور….وهذه كافية لتلبية حاجات لبنان واقتصاده وشعبه لمئات السنين القادمة….

من جهته، يشير الدكتور حبيب معلوف، في مقال له،  أن الملفات الأساسية التي ستفرض على الوزير فور وصوله، تكمن في طليعتها تمديد خطة الطوارئ لأكثر من نصف نفايات لبنان في العاصمة بيروت وضواحيها والقسم الأكبر من جبل لبنان. إذ انتهت القدرة الاستيعابية لمطمري برج حمود والجديدة منذ أشهر، وليس من بديل مقترح عند سلفه غير التوسيع وإعادة فتح مطمر الناعمة لتخفيف الضغط عن الكوستا برافا الذي سيصل إلى نهاية سعته الكاملة باكراً وسريعاً. إضافة إلى همّ مراجعة كل السياسات والاستراتيجيات والقوانين ذات الصلة التي تم إقرارها على عجل وزغل، وملف المقالع والكسارات وشركات الترابة التي فشل أسلافه في إعادة ضبطها وتنظيمها.  فضلاً عن ضرورة الإنصراف إلى ملفات تؤسس لمرحلة جديدة  كملفات إدارة الموارد وفي طليعتها المياه ناهيك عن ضرورة إعادة النظر في قانون الصيد البري المتخلّف، والتراجع عن بدع فتح مواسم الصيد وحماية الطيور المتبقية والحياة البرية والتنوع البيولوجي بشكل عام…

في النهاية، لا يمكن تكوين أي رأي مسبق حول قدرة قطار على مواجهة التحديات البيئية، وبالتالي فمن الضروري إفساح المجال أمام الوزير المختصّ للقيام بدوره، والأيّام كما الأشهر المقبلة كفيلة بأن ترجّح كفّة النجاح أو الرسوب في حين أن نبض الشارع لن يسكت مجدداّ عن أي خطأ يرتقب بحقه، وبالتالي لا بد سيكون العين المراقبة إلى حين موعد الإمتحان فإما يكرم قطار أو يهان!

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This