في ظل كل الاحتفالات العالمية التي يتشارك بها العالم سنوياً، طغت في الفترة الاخيرة تلك المتعلّقة للبيئة، أولاً بفعل الكوارث التي اجحتاحت العالم من جهة وثانياً بسبب انتشار الوعي بشكل أكبر في ما يخصّ القاضيا البيئية والتنموية من جهة اخرى.

في هذا الإطار، يحتفل العالم في الثاني من شباط/فبراير من كل عام باليوم العالمي للأراضي الرطبة، حيث يوافق هذا التاريخ اعتماد اتفاقية رامسار والتي وُقعت في 2 شباط 1971.

ولمن لا يعرف، فإن الـأراضي الرطبة تعتبر من أكثر النظم البيئية غِنىً بالتنوع البيولوجي وهي موطن لمجموعة هامة من الأنواع النباتية والحيوانية. ولكن أحدث الدراسات على المستوى العالمي قد أظهرت انخفاضًا في التنوع البيولوجي، بينما تختفي الأراضي الرطبة بمعدل ثلاث مرات أسرع من الغابات.

لذلك، فإن موضوع الإحتفال لعام 2020 هو “الأراضي الرطبة والتنوع البيولوجي”،  ويمثل الموضوع فرصة فريدة لتسليط الضوء على التنوع البيولوجي للأراضي الرطبة، وحالته والأهمية التي يكتسيها، إضافة إلى تعزيز الإجراءات الرامية إلى وقف ضياعه وتدهوره.

في البداية، تعتبر اتفاقية «رامسار» للأراضي أو المناطق الرطبة أقدم اتفاقية عالمية في مجال البيئة، وهي بمثابة إطار للتعاون الدولي للحفاظ والاستعمال العقلاني للأراضي الرطبة ومصادرها، حيث وضعت عام 1971 بمدينة «رامسار» الإيرانية، ودخلت حيّز التنفيذ في 21 كانون الأول 1975. وتعتبر هذه الاتفاقية الدولية الوحيدة في مجال البيئة التي تعالج نظاماً بيئياً خاصاً. وتضم الاتفاقية الآن أكثر من 2177 منطقة بمساحة تقدر بحوالى 208 ملايين هكتار في 168 دولة. ويدخل تحت رعاية هذه الاتفاقية العديد من أنواع الأراضي والمناطق الرطبة، وهي المستنقعات والسبخات، البحيرات والأودية، المروج الرطبة والمَخَثاتْ (Tourbière)، الواحات، مصبات الأنهار، منطقة الدلتا وخطوط المد، الامتدادات البحرية القريبة من السواحل، أشجار القرم (Mangroves) والشعاب المرجانية، وتدخل كذلك المناطق الرطبة الاصطناعية مثل أحواض تربية الأسماك، الحقول الرطبة لزراعة الأرز، خزانات المياه والملاحات.

اما بين التنوّع البيولوجي والأراضي الرطبة فالعلاقة وطيدة وأساسية، ووفقا لتقييم النظام البيئي للألفية 2005، تلعب الأراضي الرطبة دوراً رئيسياً في التخفيف من آثار تغير المناخ، مما يدعم التكيف معه والصمود أمامه.  فالأراضي الرطبة الخضراء والسليمة تعتبر من بين أكثر بالوعات الكربون فعالية على هذا الكوكب.  ورغم أهميتها، تبقى الأراضي الرطبة من بين أكثر النظم الإيكولوجية تأثراً بعواقب تغير المناخ حتى وإن كان طفيفة، إضافة إلى التغيرات في الأنظمة الهيدرولوجية، المتمثلة خاصة في إرتفاع مستوى سطح البحر وإنخفاض منسوب المياه السطحية والجوفية.

إن العديد من الآثار المترتبة والبادية بالفعل للعيان كالتغيرات الحاصلة في النظم البيئية سينعكس سلبا على المجتمعات التي تعتمد عليها في سبل عيشها. فهذه التغيرات يصاحبها غالبا فقدان محتمل للفوائد التي تقدمها كتوفير الغذاء والحفاظ على التنوع البيولوجي. كما أن تعرض العديد من الأراضي الرطبة لخطر الزوال لا يؤثر فقط على الإنسان، وإنما من شأنه أن يهدد أيضا أنواع النباتات والحيوانات النادرة المهددة بالانقراض التي تحتمي بها.

من المعلوم أن الأراضي الرطبة تعزل كميات هائلة من الكربون وتخزّنها وتمثل عاملا مساعدا للحد من الزيادة المتنامية لغازات الدفيئة في الغلاف الجوي إذا ما تمت حمايتها من المضايقات البشرية. ولكن في المقابل، وبمجرد تجفيف الأراضي الرطبة أو حرقها، فإنها تتحول إلى مصدر هام للغازات الرئيسية المسببة للاحتباس الحراري، وهي ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، والتي تطلقها في الجو.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الجفاف يُضعف قدرة الأراضي الرطبة ذات المياه العذبة على تقديم خدماتها المعتادة الأخرى مثل الإمداد بالمياه وتحسين نوعيتها والسيطرة على الفيضانات والحماية من العواصف وما يترتب عليها من آثار إيكولوجية وإجتماعية وإقتصادية وخيمة. كما تعتبر شبكات الأراضي الرطبة ممراتٍ رئيسية ونقاط إنطلاق تسمح لأنواع الحيوانات بالإنتقال إلى المناطق الأكثر برودة، مما يساعدها على التكيف مع إرتفاع درجات الحرارة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This