يتبسم محدثي السويسري طويلاً في مكتبه في جنيف قبل ان يرد على سؤالي حول الامكانات الفعلية المتاحة للتعاون في قضية استرداد الاموال المحولة من لبنان الى سويسرا وهو الذي قضى سنين عمره في العمل المصرفي وتحديداً مع الدول العربية ومنها لبنان ليرد بسؤال حول حقيقة اهتمام لبنان بالأمر ونيته متابعة هذا الامر !
ويقول ان صياغة الطلب اللبناني غريبة ولا سابقة لها فمجرد صدور السؤال عن حدوث تحويلات من البلد المصدر لها امر عجيب ! لان البلد نفسه هو الأقدر على معرفة الامر واذا لم يتوفر ذلك (وهو مستحيل) يعني ان لا أنظمة او قوانين فيه لان الطلبات تأتي محددة بالاسم او الرقم او الغاية
اما ما تضمنه الطلب من حديث عن أموال “مشبوهة” فهو يحمل ادانة للبلد المصدر للمال كما للبلد المستقبل له وكأن لا قوانين او أنظمة
ويؤكد ان منطلق البحث وأساسه هو لبنان وان الأنظمة السويسرية اليوم مرنة جداً وحريصة على طرد اي مال مشبوه او مدرج تحت بند المال “غير النظيف” لذلك اذا كان الطلب واضحاً ومبرراً وجدياً هناك أوجه عديدة للتعاون ولكن ليس بالاستعراضات او بمحاولة الهروب الى الامام
ما قاله المسؤول المصرفي السويسري ردده بالحرف تقريباً جميع من يعمل او ان له علاقة بهذا الملف في مدن أربعة شملتها جولة استطلاعية حول هذا الموضوع-الفضيحة ، وهم كثر ويعرفون الكثير وبالأصل هذا ليس اكتشافاً فالطامة الكبرى ان حجر الزاوية في البحث الرسمي اللبناني سواء كان في القضاء او المصارف يرتكز على أموال مشبوهة وبعد ١٧ تشرين والى سويسرا حصراً ،علماً ان الامر يرتبط ب :
١)تحويلات تخص نافذين ، سياسيين او موظفين او متعاقدين مع الدولة ومساهمي مصارف وعندها يمكن الحديث عن نوعية المال وتوصيفاته
٢)اثبتت الأرقام الرسمية ان حجم التحويلات قد ارتفعت عشرات الأضعاف عن حجمها الطبيعي خلال الشهر الذي سبق الإقفال وتحديداً بين الخامس من ايلول وحتى ١٧ تشرين بحيث ارتفعت من حوالي ١٠٠ مليون الى مليار وستمائة مليون دولار لماذا؟ وهل من حول بناء على معطيات غير متوفرة للجمهور؟!
٣)لماذا حصراً سويسرا وليس كل الأمكنة التي تعتبر ملاذات كالجزر علماً ان تحويلات معروفة حصلت الى عواصم أوروبية وتحويلاً واحداً معروفاً بقيمة ٢٧٠ مليون دولار ارسل الى الولايات المتحدة الاميركية
حين طرح الموضوع للمرة الاولى حول تحويل رفض لزعيم سياسي لبناني قامت الارض ولم تقعد لنفي الامر وجرى تصنيف الكشف كانه تصفية حساب سياسي ، علماً ان عدم كشف اسم الشخصية كان هدفه الوحيد تحويلها الى قضية راي عام وليس العكس وحين تبين وجود تحويلات لصغار الزعماء وأصحاب الصفقات ممن يدعون العفة يومياً لم يكن القصد ملاحقتهم في مسالة بالغة الصعوبة والتعقيد لان صفقاتهم وفضائحهم سهل كشفها في لبنان وهي منشورة على صنوبر بيروت وهم لا يخجلون بل كان القصد فعلاً وحقيقة هو وقف مسلسل تهريب المال مقدمة لاستعادته وليس للتشهير لان صفات هؤلاء لا تحتاج الى المزيد من الإثبات وهو بالمناسبة متوفر وكثير مهما ادعوا العفة والتقرب من الناس
حوالي مليارين وسبعمائة دولار اميركي خرجت من لبنان بين الخامس من ايلول وحتى اخر العام ينبغي معرفة اذا كان فيها اصحاب النفوذ المصنفة خانتهم اليوم بالسياسيين والموظفين العموميين والمتعاقدين مع الدولة وأصحاب المصارف وكل محاولة للتعمية او “للاستهبال” في الطلب او المعرفة او الملاحقة هي تواطؤ بكل بساطة
يحتاج لبنان اليوم لكل قرش فيه ،كما يحتاج الى ترشيد استخدامه والمؤسف ان العاملين غير متوفرين رغم ضرورة وحاجة ذلك