في متابعة بسيطة لتعليقات الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مجمل القضايا العالمية، نرى أن الإستهزاء والإستهتار سيّدا الموقف. ففي قضية التغيّر المناخي، اعتبر سيّد بلاد السام أنها بدعة صينية لسرقة أموال البلاد، وقد ردّت عليه الطبيعة بلغتها فغرقت ولايات واحترقت أخرى، واليوم في أزمة انتشار فيروس كورونا- كوفيد 19 يمارس الأسلوب نفسه، فاعتبره كغيره من أمراض الإنفلونزا متّهما الصين بتصديره الى العالم، وها هو اليوم يتنازل عن كبريائه ليعترف بالكارثة التي تطال بلاده في كل رقعة منها، حتى باتت أميركا في أقلّ من شهر من اكتشاف الفيروس لديها ، بؤرة التفشي الأكبر لكورونا!!

بعد ان كانت الصين بؤرة الإنتشار الأولى، ايطاليا الثانية، ، تجاوزت الولايات المتحدة أمس الخميس كل من إيطاليا والصين في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد؛ لتصبح أكبر بؤر الوباء في العالم، وذلك بعد الارتفاع السريع في الإصابات المسجلة في عدد من الولايات الأميركية.

وفي آخر إحصاء حتى ساعة كتابة المقال، بلغ عدد المصابين بأميركا 85 ألفاً و 600 اصابة تليها الصين بأكثر من 81 ألفا و782، ثم إيطاليا بما يفوق ثمانين ألفا وخمسمئة.

هو وباء يجتاح العالم نعم، لكن اكتشافه في بلدان قبل أخرى فتح المجال امام الحكومات لاستدراك الوضع والقيام بخطوات استباقية وقائية لدرء تداعيات الإنتشار السريع.. وهكذا فعلت غالبية الدول ومنها لبنان، لكن عنهجية ترامب وعناده وحبّه للسيطرة ولمصالحه الشخصية، وضعته أمام خيارين: إما الإقفال التام مع تكبّد خسائر اقتصادية فادحة، وإمّا ترك الخيار الأوّل إلى ما بعد استنزاف الخيارات جميعها!

يثبت ترامب مرّة أخرى أن منصبه أهمّ من أي خلل إجتماعي في البلاد، وكل الإحصاءات تشير إلى أن الواقع الإقتصادي في أي عهد رئاسي هو الذي قد يضمن عودة الرئيس في ولاية أخرى.فبقيت الحياة طبيعية في مختلف ولايات أميركا، إلا أنه اليوم يبدو أنه وصل إلى حائط مسدود فأعلن حالة الطوارىء في ولايات متعددة تفشّى فيها الفيروس بشكل كبير جداً.واتصل بالرئيس الصيني، بعد أن كان اتهمه بأنه ناشر المرض، لمتابعة تطورات وسبل التعامل مع مع هذا الفيروس، وفتح باب التأشيرات لأطباء من خارج أميركا للمساعدة في كبح سرعة التطوّر.

وبين هذا وذاك، وفي ظل اخبار عن لقاحات اكتشفت من هنا وهناك، ذكرت تقارير أن الرئيس ترامب سعى لاحتكار لقاح آخر يتم تطويره في ألمانيا. وقالت صحيفة “فيلت أم زونتاغ” الألمانية إن ترامب عرض أموالا من أجل اجتذاب شركة “كيورفاك” الألمانية إلى الولايات المتحدة، مضيفة أن الحكومة الألمانية تقدم عروضا معاكسة لإقناع الشركة بالبقاء في ألمانيا. في حين  أكد وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير أن “ألمانيا ليست للبيع”.

قد تبدو الأمور بالنسبة للعالم مخيفة تماما كما هي اسباب استلشاء بعض الزعماء بواقع قد ينقلب عليهم، وبالتالي فإن اليوم السيطرة على انتشار كوفيد 19 وإيجاد لقاحات له هو الأهم، أما الحسابات السياسية فمؤجلة إن لم تكن ملغاة، وبالتالي فإن العالم بعد كورونا حتماً لن يكون كما قبله!!

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This