وصل بَلُ “كورونا” الى ذقن الملكة “اليزابيت”، وذقن ولي عهدها، و معه رئيس الوزراء”جونسون”، وسط عجزٍ علماء الأرض عن اكتشاف عقار يواجهون به الوباء، بل وعجزٍ مطلق عند السياسيين عن تخمين ما ستؤول إليه مسارات السياسات الدولية، بعد الجائحة.
كما وصل البَلَ الى ذقن الولايات المتحدة الأميركية، الرأسمالية، التي رفض رئيسها التعاون مع باقي الدول(كما فعل تماماً فيما يخص موضوع التغيير المناخي)، حيث ارتفع فيها عدد الإصابات بالفايروس، بشكل جنوني، فقفزت خلال اسبوع واحد فقط، لتحتل المركز الأول في العالم، بعدد المصابين.
شُلت الحياة في معظم الولايات، ومع ذلك بقي ترامب مصراً على موقفه، صاباً جُلَّ اهتمامه على شراء أكبر كمية من نفط السعودية، رافضاً فرض حظر تجول ولو جزئي في البلاد، معبراً عن غباء ووحشية النظام الرأسمالي، أفضل تعبير، بقوله: “يمكن أن نخسر عدداً من الأشخاص بسبب الإنفلونزا. ولكن قد نخسر عدداً أكبر إذا أغرقنا البلاد في انكماش كبير”، لافتا إلى إمكان حصول “آلاف عمليات الانتحار”..!!.
وتوقع ترامب أنَّ الإقتصاد سيستعيد عافيته مع عودة العمل بسرعة”، لكن العمل لن يعود إلا بزوال COVID 19، وهذا الأمر في المجهول ، فالفايروس شلَّ حركة القطاعات العامة والخاصة، وعليه أقر مجلس الشيوخ، خطة “تاريخية” بقيمة تريليوني (ألفي مليار) دولار، لدعم الإقتصاد الأميركي.
وبدأت تداعيات الجائحة تظهر بشكلٍ جلي، حين أشارت وزارة العمل الأميركية الى أنَّ عدد مطالبات البطالة، خلال الاسبوع الأول ، ارتفع إلى أكثر من ثلاثة ملايين، متفوقا على الرقم القياسي السابق، المسجل عام 1982 (700 ألف).
وحين حددت وزارة الخارجية الأميركية 25 مادة من مستلزمات المستشفيات ، ووجهت ممثليها الدبلوماسيين أن يطلبوا من الدول المضيفة لهم، الحصول على هذه الإمدادات (بحسب شبكة “سي إن إن” CNN).
في المقلب الأخر كشف “كورونا” هشاشة الروابط بين دول الإتحاد الأوربي، بعد أن تخلت كلها عن إيطاليا، ووصول الدعم إلى “روما” من دولٍ مثل كوبا، روسيا والصين، دول أقل ما يقال فيها أنها ليست حليفاً استرتيجياً لذلك الإتحاد!!.
نعم، لقد فكك “كورونا” وإن نظرياً،الإتحاد الأوربي، فما بعد جائحة “كوفيد 19” ليس كما قبلها، فأي اتحاد هذا الذي بقيَّ، حين تحتجز دول أعضاء فيه (بولندا) شحنات طبية كانت في طريقها إلى دول أخرى (النروج)، وتمنع دولاً أعضاء (ألمانيا) تصدير إمدادت طبية الى شقيقاتها في الإتحاد (سويسرا)، وتستولي دولاً “التشيك” على إمدادات طبية صينية متجهة إلى “إيطاليا”!!.
وفي مواجهة “كورونا” تبيَّن عدم وجود سياسة موحدة، لمواجهة الأخطار الخارجية، حيث أنَّ كل دولة وضعت استراتيجيات خاصة تناسبها، لمحاربة دون الإكتراث بالبلدان الأعضاء الأخرى !!.
في المقلب الأخر، وحَّد الوباء مشاعر وتطلعات البشر، لأول مرة في التاريخ، ففي حالة أُممية صرفة، نجد اليوم، سبعة مليارات إنسان، في مواجهة عدو واحد، ينتظرون اختراع مصل يخلصهم منه.
وتأسيساً على ماسبق نبحث عن اجابات لتساؤلات بدأت تؤرقنا:
أولاً: هل سيتحول (استثناء) التباعد الإجتماعي،الذي نحن به اليوم، الى (قاعدة) ، فيتحول الإنسان الى سلعة كما توقع “ماركس”، ويغترب عن ذاته؟.
ثانياً: على حساب الغالبية العظمى من البشر، ستعمل الشركات العملاقة لتعويض خسائرها الفادحة، فهل سنشهد ولادة نظام اقتصادي جديد ليس رأسمالياً ولا اشتراكياً؟.
ثالثاً: ماذا لو نجح العلماء في إحدى الدول الفقيرة، النامية، باكتشاف دواء يساعد في الحد من خطر COVID-19 واحتكرت حكومة تلك الدولة بيع العقار؟.
هل سنشهد وقتها ولادة قوة اقتصادية عملاقة (هذا فيما لم يغزوها راعي البقر الأميركي عسكرياً)؟
بانتظار جلاء الحقيقة، هل تعود كل الدروب الى “روما”؟ .
من يعش يرى.