تعرضت ولا تزال معظم حكومات الدول الكبرى، لانتقاداتٍ لاذعة، بسبب أسلوب تعاملها مع أزمة الفايروس “كورونا”، وذلك لأن الشعوب باتت تعي أن هناك أزمات شتى، ستظهر بعد انتهاء هذا التسونامي الكوروني العالمي (إنّ صح التعبير)، وأنَّه ثمة متغيرات جذرية سيشهدها العالم على كافة الأصعدة، وبدأت هذه الشعوب، تطرح وبجدية مطلقة،الأسئلة التالية:
أي منحى ستنحو السياسة الدولية بعد “كورونا”؟ كيف سيتعافى الإقتصاد العالمي؟ ومن سيدفع ثمن كل هذا الشلل؟ ماهي نتيجة حجر سبعة مليارات إنسان في منازلهم؟ أين سنذهب بمليارات الأطنان من النفايات الناجمة عن هذا الوباء؟.
أدى الحجر الإجباري لمعظم سكان الكوكب، وتوقف النشاط الصناعي والتجاري والسياحي، الى شلل تام في مختلف مناحي الحياة ، ما انعكس سلباً، على أسواق المال والأعمال، وظهر ذلك بوضوح في انكسارات بورصة الأسهم، وكادت تتوقف عجلة الحياة في مختلف الدول(الكبيرة ذات الإقتصاد القوي، والصغيرة النامية التي تكاد تنهار)، وبدأت تتكشفت عورات النظام الرأسمالي، وخاصة بعد أن تُرِكت “ايطاليا”، وحيدة في مواجهة الفايروس، مُعرضةً وبشكل مباشر حياة الإنسان فيها الى خطر الموت.
في المقابل، بدأت شركات الأدوية العملاقة (مرتبطة بقوة بالبنك الدولي، وصندوق النقد، الداعمين لكل أشكال الإستعمار حول العالم)، بالبحث بشكل جدي وسريع عن عقار يقتل “كورونا”، وذلك ليس كرمى لعيون البشرية، وإنما كخطوةٍ استباقيةٍ تضرب بحَجَرِها، عصفورين: الأول هو تلميع صورة المؤسسات الرأسمالية، فباكتشافهم للمصل ستظهرها بمظهر المُخلص الذي أنقذ البشرية، من كأس الموت المُرة، والعصفور الثاني أنها ستحصد ثروات طائلة من احتكار بيع العقار الجديد -القديم.
الحقيقة هي أنَّ هذه الشركات تقوم حاليا،ً بالبحث في كل مضادات الفيروسات التي أثبتت نجاعتها في مكافحة الأوبئة السابقة مثل( الإيبولا، السارسSARS-CoV-2، فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز، والتهاب الكبد B والتهاب الكبد، C.).
غير أنَّ الجدل الأكبر، قائم وخطير حول نجاعة الكلوروكين، وهو دواء يُستخدم ضد الملاريا وبعض أمراض المناعة الذاتية (الذئبة أو التهاب المفاصل الروماتويدي)!!!.
في المقلب الأخر، بدأت تتشكل نواة أزمة حقيقية تنضم الى مجموعة الأزمات التي تهدد الحياة على الكوكب، فهناك سبعة مليارات إنسان، غالبيتهم تستخدم كمامات وقفازات واقية، أغطية…إلخ، وبشكل يومي، ما أدى الى تراكم كميات هائلة من النفايات الطبية، و إلقاؤها على ضفاف الأنهار، وفي المراعي الطبيعية!!.
فالأمر يحتاج الى معالجةٍ سريعةٍ، كي (لانهرب من دُب”كورونا”، فنقع في جُبِ النفايات).
الأزمة الجديدة الأخرى، هي الطاقة، حيث يُشكل بقاء مليارات البشرمحجورين في بيوتهم، تهديد حقيقي فيما لو استمر الفايروس لفتراتٍ أطول، كون الأمر سيزيد من استخدام الطاقة، ومن شتى مصادرها.
فالأمر يدعو للقلق، رغم أنَّ توقف المصانع والشركات العملاقة، أضف الى ذلك أن فرض قيود على السفر، سيوفر ملايين الليترات من الوقود الأحفوري.
قليل من الإيجابيات.
تعافت طبقة الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية، تعافياً سريعاً، كذلك تعافت الشُعب المرجانية، فى “هاواي”، وأصبحت القنوات المائية فى مدينة “فنيسيا” الإيطالية نظيفة الى حدٍ كبير، وعادت الأسماك والكائنات البحرية، كل ذلك جاء كنتيجةٍ حتميةٍ لحجر سكان الأرض في بيوتهم، وتوقف الشركات العملاقة، والشلل الحقيقي في حركة السفر، الذي أدى الى انحسار كبير في نسبة الغازات الملوِّثة، وتلك المسببة للإحتباس الحراري.
أخيراً، من نافلة القول، أنَّ العالم اليوم، يقف بين سندان الموت بفايروس كوفيد -19، ومطرقة الدخول في نفق أزماتٍ جديدة، كالغرق في النفايات الطبية والإنغلاق والعزلة (سبعة مليارات شخص محجورين في منازلهم).
يقف باحثاً عن إجابة شافية للسؤال العميق: مالعمل؟.