يختلف قادة العالم في القضايا التي تحدّد مصير البلاد، وتقوم المعارك في ما بينها لإثبات الحقيقة التي يراها كل انسان من زاويته الشخصية تبعاً لمصالح البلد العامة أو في بعض الحالات لمصالحه الخاصة!
هو أمر متعارف عليه في الأيام العادية التي لا يحكم العالم فيه أي مشكلة خارجة عن الطبيعة والإرادة، فيمتثل كل رئيس دولة لمفاهيمه وفلسفه للحياة ضاربا عرض الحائط كل التداعيات المحتملة لآرائه أو قراراته حتى ولو كانت متهوّرة. لا يختلف إثنان على ان هذا الأمر هو حقّ مقدّس لا يمكن لأحد أن يتدخّل أو يعطي رأيه بقرارات يأخذها رأس الدولة لحماية مواطنيه. الأمر الذي يفتح باب الخلاف واسعاً بين الدول واكبر دليل على ذلك الحروب التي لا تزال مستمرّة حتى الآن بين دول وأخرى.. ولكن!!
اليوم، يحارب العالم مجتمعاً أكبر عدوّ للبشرية من دون تمييز بين دولة صغيرة وأخرى أكبر، أو بين زعيم قوي ّ وآخر مستهتر وضعيف. فوباء “كورونا” – كوفيد 19 الذي القى بسلاحه دفعة واحدة على كبر الكرة الأرضية، لا يمكن حكماً مواجهته بكبرياء وتعنّت وقرارات متهوّرة، هو وباء لا داء له ولا دواء سوى الإجراءات الحكيمة الوقائية للحد من تداعياته وانتشاره!
عالمياً ومحلياً، السلاح الأوحد هو التضامن والتكافل بين زعماء العالم من جهة وأبناء البلد الواحد من جهة أخرى حكومة وشعباً.
رغم خطورة هذا الوباء، إلا أن بعض الزعماء لم يتعظوا من أي حكم سابقة، بل يرمون الإتهامات يمينا ويسارا من دون التركيز على مواجهة الأزمة المستجدّة بجهد وتركيز أكبر. فمنذ اكتشاف الوباء في الصين والاتهامات تطالها بأن السبب خفافيشها ونوعية طعامها او مختبراتها، في حين انتشرت معلومات حول ضلوع فرنسا بأخطاء مختبرية حصلت في منطقة محددة في الصين لم تكن تنائجها حميدة، بينما صبّر العالم عيونهم على براءة الاختراع المسجّلة باسم الولايات المتحدة الأميركية منذ اعوام عديدة تحت اسم “فيروس كورونا” مرجّحين موضوع الحرب البيولوجية لإثبات القوة الإقتصادية الكبرى.
وبين هذه الحقيقة وتلك الأخبار المغلوطة او المفبركة، انهالت الإتهامات بين البلدان الكبرى في ظل انتشار الفيروس كالنار في الهشيم بين ولاياتها، وبدل تكثيف الجهود لحؤول دون الوصول لنتائج معيشية واقتصادية وخيمة بعد كورونا، زادت الطين بلّة الإتهامات المتوالية لكل الجهات ومنها دول الإتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية بالتواطؤ مع بلدان ضد أخرى، فضلاً عن قطع الإمدادات المادية من البنك الدولي عن بعض الدول بسبب خلفيات سياسية!!
في لبنان، ورغم تطوّر انتشار الفيروس بشكل مستقرّ الى حدّ ما، إلا أن الأمور لا تزال لدى البعض على قاعدة “بيي أقوى من بيّك”، وحزبي دائما على حقّ، وأكبر دليل على ذلك حملة الشكر الموجّهة لوزير الصحة الدكتور حمد حسن، تقديرا لجهوده المتواصلة، فاختلف اللبنانيون في ما بينهم بين أحقيّة التعبير عن الشكر وبين اعتبار ما يقوم به واجب عليه وليس فيه منّة على أحد!!
دخلت السياسة في كل التفاصيل، فحتى عزل المناطق عولج بطريقة طائفية وحزبية، فضلاً عن التبرّعات على مختلف شاشات التلفزة التي صنّفت هي الأخرى لحزب دون آخر، تماما كالمساعدات العينية التي تقوم بها الأحزاب المتعددة مع ضرورة الإعلان عنها وتصويرها!!
على ما يبدو، وفي ظل المهاترات الحاصلة عالمياً ومحلياً، فإن الوباء الحقيقي لا يقتصر على “كورونا” بل يُختصر بالجهل الذي يعمي قلوب وعقول المواطنين، فوباء المرض يقتل اليوم وغداً أما وباء الجهل فقد يقتل إلى ما لا نهاية وربما يقتل البلد!!