لم ينس اللبنانيون حتى اليوم نيران العام الماضي التي التهمت احراج لبنان من جميع اطرافه، لتتوالى من بعدها المصائب يوما بعد آخر، وها ان بعض المشاهد تكررت في بعض المناطق خلال الاسبوع المنصرم الذي ارتفعت فيه درجات الحرارة فوق معدلاتها الموسمية بـ 10 درجات.
لم يبدأ فصل الصيف بعد، ودرجات الحرارة المتوقّعة قد تكون كذلك اعلى من المعدلات الطبيعية، وفي حين تنحسر موجة الحر اليوم بعد الظهر، الا أن الحذر ضروري في الاسابيع والاشهر المقبلة. والتنبّه اليوم قد يحمي الغد وبالتالي فإن متابعة ارشادات البلدية لناحية منع اشعال الحرائق، تنظيف الحدائق والأحراج، عدم ترك المخلفات البلاستيكية او الاخرى القابلة للإشتعال.. من الاولويات، خصوصاً وأن كورونا وجّهت الناس الى الطبيعة والى الزراعة، وبالتالي فإن الري المستمرّ والتقيّد بالإرشادات من اولويات المواطن اللبناني اليوم لتفادي اندلاع الحرائق وتكرار مشاهد العام الماضي، فلا ينقصنا اليوم همّ الحرائق في ظل معمعة من المشاكل التي اثقلت كاهلنا.
ورغم ان اليومين المقبلين سيشهدان امطارا متفرقة وقد تكون غزيرة، إلا ان تحذيرات المديرية العامة للدفاع المدني تصلح لكل ايام الصيف المقبلة، وأهمها لجهة عدم حرق الأعشاب اليابسة عند تنظيف الأراضي، كما وضع الأعشاب والأغصان الصغيرة في أماكن آمنة بعيدة عن الغابات بعد تنظيفها من تحت الأشجار. وذكّرت بضرورة الاتصال بغرفة عملياتها على رقم الطوارئ 125 للتبليغ عن أي طارئ، إضافة الى إمكانية التواصل عبر موقع المديرية العامة للدفاع المدني الإلكتروني.
في المقابل، لم تتخذ الإدارات المعنية لغاية الآن أية إجراءات تجنبنا الحرائق الكارثية التي شهدها لبنان في تشرين الأول ٢٠١٩. وفي حين انه على السلطات المحلية تحمل مسؤولياتها بحسب الإستراتيجية الوطنية لإدارة الحرائق. فإنه على المواطن أيضا مسؤولية ابعاد شبه الحريق والتنبّه من خطره، خصوصا ًوأن همّ المسؤولين اليوم في مكان آخر للأسف!
في هذا الإطار يقول رئيس قسم التنوّع البيولوجي في جامعة البلمند الدكتور جورج متري ان حرائق السبعة أيام الماضية هي فقط جرس إنذار لما ينتظرنا في الأشهر القليلة المقبلة. رطوبة الأرض والنبات سهلت مكافحة الحريق بسهولة (نحو ثلاثين حريق) وحالت دون انتشار النيران إلى مساحات كبيرة. مع تقدم الجفاف وسيطرة مناخ مماثل للعام الماضي (وقد يكون أسوء) تضعف قدراتنا على مكافحة الحرائق القادمة.
من هنا لا بد من التذكير بنظام Firelab اللبناني للتنبه من خطر اندلاع الحرائق ( أرصاد لغاية ٩ أيام) الذي وضعته جامعة البلمند في متناول الجميع من أجل الإستفادة القصوى منه والتحضر بشكل أفضل تجاه الخطر المتزايد للحرائق الكارثية التي يشهدها لبنان.
وللتذكير فهو نظام يمكن الاطلاع عليه بشكل مجاني لتدرك البلديات او المواطن اللبناني نسبة خطورة اندلاع الحرائق كلّ في محيطه علّه يمكّنهم من تدارك الكارثة قبل وقوعها!!
ينهمك لبنان اليوم في مواجهة وباء “كورونا” في حين تلهينا تداعياته النفسية والاجتماعية والاقتصادية ناهيك عن تلك الصحية عن النظر في مجالات ابعد من ذلك، ولكن اندلاع اي حريق شبيه لما حصل العام الماضي قد يجعلنا هذا العام فعلاً غير قادرين على مواجهته وتجنّب الأسوأ، خصوصاً وان العام الماضي الأمطار هي التي انقذت لبنان بعناية الهية ساعدت قدرات الدفاع المدني والجيش اللبناني البشرية، وبالتالي لا يمكننا التعويل على الاعاجيب ، فلا تسلم الجرّة في كلّ مرّة!!
.