منذ 21 شباط ولبنان يصارع وباء كورونا بامكانياته المحدودة، ورغم التعبئة العامة من جهة واقفال البلد من جهة أخرى، فإننا بعد ان كنا في طليعة البلاد المتفوّقة في حربها مع الفيروس، ها إن أرقام الإصابات باتت ترتفع يومياً بشكل كبير قدد ينسف كل التضحيات السابقة.
مهما اختلفت الاسباب، والتي من اهمها استلشاء بعض المواطنين او الوافدين بأهمية الحجر المنزلي والضرب عرض الحائط بارشادات الجهات المعنية، فإن النتيجة هي واحدة، والإصابات الى ارتفاع ، ما سمح بانتشار منطق “مناعة القطيع” في لبنان. ما هو هذا المصطلح وهل يمكن تطبيقه؟
تفترض نظرية مناعة القطيع بشكلٍ عام بأنه يُمكن إعاقة انتشار الأمراض المعدية التي تنتقل من فرد لآخر بشكلٍ متسارع، عندما يتمتع أعداد كبيرة من أفراد المجتمع بالمناعة ضدها، وكلما كبرت نسبة الأفراد الذين يمتلكون المناعة، كلما قلت احتمالية انتقال الفيروس. وتدعو هذه النظرية إلى ممارسة أفراد المجتمع حياتهم بشكلٍ طبيعي، دون اتخاذ أي إجراءات صارمة تجاه انتشار الفيروسات المعدية حتى يصاب أكبر عدد ممكن من هؤلاء الأفراد بالفيروس، بحيث تتعرف أجهزتهم المناعية على الفيروس، ومن ثم تحاربه إذا ما حاول مهاجمتها مجدداً على اعتبار أن أجساد البشر لديها القدرة على التصدي لأي فيروس جديد، ثم تقوم بحفظ طريقة المواجهة داخل الجسم من خلال تطوير ذاكرة لهذا الفيروس، للتصدي له مستقبلاً بكل سهولة، مستندةً في ذلك على الطريقة التي تعمل بها اللقاحات، والتي تقوم بخلق ذاكرة للمرض من دون أن يصاب الجسم حقيقة بالمرض، إذ يكون اللقاح مكوناً من فيروسات ميتة أو ضعيفة، لكنها كافية لتكوين ذاكرة لدى جهاز المناعة من دون إصابة الجسم بالمرض، فعندما يُعطى لقاح إلى عدد كافٍ من الأشخاص في المجتمع ضدّ وباء ما، يمكن أن يزيد ذلك من صعوبة انتقاله إلى أفراد آخرين معرّضين للخطر لم يتلقوا اللقاح أو لم يكن ممكناً تطعيمهم.
تجربة بريطانيا في هذا السياق غير ناجحة بحيث عادت السلطات بعد الانتشار الكبير للفيروس إلى اعتماد مبدأ اغلاق البلد، اما السويد فهي التجربة الاكثر نجاحاً حيث تم عزل الأكثر عرضة للموت بسبب الفيروس مع الإبقاء على سير الحياة بشكل طبيعي في البلاد لاكتساب مناعة القطيع ومواجهة كورونا.
في لبنان، قال وزير الصحة حمد حسن “اننا نوازن بين السماح بمزاولة العمل في القطاعات المختلفة ومراقبة القدرة الاستيعابية في المستشفيات. وإذا ما شعرنا أننا فقدنا السيطرة، نصدر قراراً سريعاً بإقفال البلد مثلما حصل الأسبوع الماضي. وبالنسبة للإجراءات القسرية، يتحمل المواطن اللبناني جزءاً منها. ضاربا المثال الآتي، اذ ليس من العدل أن يلتزم 70% من اللبنانيين والـ30% هم السبب. إذاً الأمر يعتمد على الناس”. وفي رأيه، “بالطبع التجربة اللبنانية ليست مثل السويدية، فلا يوجد لدى دولتنا الإمكانيات لتطبيق ما قامت به الحكومة السويدية”. وأضاف في حديث صحفي اننا اعتمدنا على مناعة القطيع الناعمة والتعبئة العامة مع خطة لفتح البلاد تدريجيًا، مقسمةً على مراحل، وكل مرحلة لها سقف زمني مشروط بالتقارير الطبية والصحية من المستشفيات”.
وفي ظل اعادة فتح البلاد وعودة ارتفاع ارقام الإصابات، هل يكون الحل الأوحد اعتماد سياسة مناعة القطيع؟؟