في ظلً التطورات التي تحصل في ملف كورونا في لبنان وبعد تسجيل أرقام قياسية في أعداد المصابين منذ بدء انتشار الفيروس في 21 شباط 2019، ورغم جهود المعنيين وخصوصاً وزارة الصحة في تتبّع تلك الحالات لحصرها، إلا أن واقع الأحداث من جهة واستسهال البعض بالموضوع من جهة أخرى، فضلاً عن استهتار فئة كبيرة من الناس وخصوصاً الوافدين بضروريات الحجر الصحي… ناهيك عن عدم فرض هذا الموضوع من قبل الدولة اللبنانية… كلها عوامل ساهمت في تفاقم الأزمة المجتمعية والصحية. وكأن البلد لا تكفيه خسائر الإقفال التام لمدة شهرين منذ بدء الفيروس، في مختلف القطاعات، فهل تنذر الأرقام بإقفالات جديدة؟ وهل يتحمّل البلد التداعيات من جديد في ظل اهتراء اقتصادي وانهيار مالي؟
لا إقفال للبلد من جديد، فحتى لو رغب البعض فإن الحالة الإقتصادية الراهنة لا تسمح بالإقفال، ولكن!!
لا عودة لإيقاف حركة الطيران، فللمغتربين الدور الأساسي في تحريك العجلة الإقتصادية علّ أموالهم تنعش يومياتنا، ولكن!!
التعبئة العامة مستمرة ، رغم أن المفهوم القانوني لها غائب، ولا شيء يدلّ على وجود تعبئة عامة في البلد ، ولكن!!
مستشفياتنا العامة كما الخاصّة جُهّزت وفحوصات الـ PCR متوفّرة للجميع ، ولكن!!
الحياة عادت الى طبيعتها، مقاهي ومطاعم، مجمّعات تجارية، مسابح، نراجيل، مراكز ترفيه الاطفال … ولكن!!
منظمة الصحة العالمية تطرح الصح وتصحّح الخطأ وتعطي التعليمات وتكيل التحذيرات ، ولكن!!
هلمّ جرّ من الوقائع فيها من “ولكن” ما هبّ ودبّ..
نحن في فترة تعبئة عامة .. ولكن التنقلات والتحركات والحفلات كما الأعراس والمآتم على مدّ عينك والنظر؟
فُتح البلد لدواعي اقتصادية .. ولكن أين المراقبة باتباع الإرشادات الوقائية الضرورية؟ أين القوانين والغرامات الماليّة- التي قد تؤلم البعض ولكنها السبيل الوحيد لأن يتعلموا الإنضباط ؟
سُمح للمقاهي والنوادي الليلية والمطاعم للاسترزاق ولكن لماذا النراجيل والتدخين هنا وهناك؟ ماذا عن ضمان احترام المسافة الآمنة في الملاهي الليلية؟
عاد المطار ليستقبل المغتربين الوافدين علّهم يصبحوا مسعفين لبلدنا.. ولكن من يضمن تطبيق الإجراءات الإلزامية وأين مراقبة أحوال الوافدين في ظل تقاطع للمعلومات بين مهنيّة التعامل معهم من جهة وتقاعسهم من جهة أخرى؟
اهلا ً بالسواح .. ولكن لماذا إلغاء الحجر الإلزامي لمدة 14 يوماً، رغم قساوته ولكنه السبيل الافضل لكبح استهتار البعض من الوافدين بالقوانين اللبنانية ، مع التشديد على إعادة فحص الpcr بعد الانتهاء من فترة الحجر.
لا يمكن للبنان استيعاب اعداد اصابات مرتفعة، كما لا يمكن لكل لبناني ملتزم بالحجر منذ بدء انتشار الفيروس ان يدفع أثمان ذنب واستهتار غيره من المقيمين او الوافدين .
نعم لعودة الحجر ولتطبيق الغرامات المالية القاسية على كل مخالف لتدابير الإجراءات الوقائيةّ.
وللمفارقة، فإننا لم نعد ندرك صدقية وفعالية فحوصات الـ PCR، في حين أن بعض الحالات أظهرت نتائجها سلبيّة وجود الفيروس في حين بدأت تظهر عليهم العوارض بعد فترة معيّنة.. ورغم تطمينات منظمة الصحة العالمية بأن حامل الفيروس الذي لا تظهر عليه اية عوارض نسبة العدوى لديه تكون أقلّ من غيره، فالواضح أن بعض الحالات الوافدة إلى لبنان أثبتت العكس!! (خير دليل على ذلك العدوى التي حصلت بين متطوعي الصليب الأحمر اللبناني المنقولة اليهم من حامل فيروس دون ظهور اية عوارض)
أقفلت المدارس نعم ولكن ما الداعي لفتح اماكن الترفيه والمخيّمات الصيفية؟
فتح البلد ولكن ماذا عن ضبط الفلتان؟ في الاسواق في المجمّعات، أطفال ورجال ونساء دون أدنى احترام للمفاهيم الوقائية.. حتى في اكثر الاماكن أمانا، أو يفترض ان يكون كذلك، في مستشفى رفيق الحريري الحكومي، فإن مشهد الطوابير يوم أمس لإجراء فحوصات الPCR مخيف لوحده، ومن لم يكن معه”كورونا” التقط العدوى لا محالة!!
أين مبدأ فرض غرامة 50 الف على من لا يضع الكمامة على وجهه على الطريق أو في المجمّعات حتى ولو كان لوحده ؟ من يراقب راكبي السيارة الواحدة واحترامهم لضرورة وضع الكمامة تحت طائلة المسؤولية خصوصاً اذا لم يكونوا من عائلة واحدة؟
عن أي مسؤولية تتكلمون في غياب المسؤولية الفردية؟ فمن من المواطنين دفع غرامة جراء تقاعسه أو سمع بأحد غرّم بسبب استهتاره؟
القوانين وجدت لتطبيقها بالفعل وليس لإعلانها بالمبدأ، إفتحوا البلد ولكن ضعوا القوانين، غرّموا المخالفين، إحجروا الوافدين، إحموا المواطنين الملتزمين، إقسوا على المستهترين، فالبلد على كفّ عفريت وكل سقوط في قطاع محدّد وإن كان الإستشفائي يعني سقوط للقطاعات كافة.
رحمة بالمحجورين والملتزمين، رحمة بالأطفال الذي خسروا عامهم الدراسي وحرموا من طفولتهم المرحة من دون ان يفهموا الأسباب، رحمة بالموظفين الذي باتوا على قاب قوسين من خسارة وظائفهم، رحمة بكبار السن الذين سيقتلهم الرعب قبل الكورونا، رحمة بأنفاسنا التي باتت متقطعة ركضاً خلف لقمة العيش من جهة وصحة عائلاتنا من جهة أخرى… طبّقوا القوانين!
رحمة بالحياة .. طبّقوا القوانين وحاسبوا المخلّين بقسوة ، آلموهم، وليتحمّل كل انسان مسؤولية استهتاره .