عند الساعة السادسة  تقريباً من مساء أمس دوًى انفجار كبير في بيروت وصلت أصداؤه إلى قبرص،  وأكّد مرصد الزلازل الأردني  ان الإنفجار يعادل طاقة زلزال بقوة 4.5 درجات على مقياس ريختر!!

قد تكون الصور والفيديوهات التي انتشرت أكبر دليل على حجم الكارثة التي ألمّت بلبنان، الخسارة الأكبر  بعدد الشهداء الذين سقطوا والذين لم يعرف عددهم الكامل بعد، كما فاقت الأضرار المادية في المباني والشركات والمستشفيات كل التصورات ، وبين هذه الخسائر وتلك الأخرى، آخر مرفق إقتصادي حيوي للبنان، رئة البلد الإقتصادية دمّرت بالكامل.. والحقيقة الموجعة أن الفساد والإهمال أطلقا شرارة الإنفجار!

شحنة من “نيترات الأمونيوم” تقدّر ب ٢٧٥٠ طناً موجودة منذ ٦ سنوات في مستودع في مرفأ بيروت بعلم المسؤوليين في المرفأ، تركت من دون اتخاذ أي اجراءات وقائية… والنتيجة أكثر من 73  شهيد و 4000 إصابة، والعدّاد يرتفع مع مرور الوقت، فضلاً عن المفقودين والعائلات المنكوبة والبيوت المدمّرة والأطفال الميتّمة والأمهات الثكالى ..

 

تاريخ 4 آب لن نستطيع نسيانه، يوم شاهد على أكبر عملية فساد نخرت بيوت اللبنانيين أجمع، يوم ترحّم به المواطنون على كل الحروب السابقة، كما على تدخلات العدو الصهيوني السافرة. ففي الحرب سقوط الضحايا مبرّر، فالمعارك مستعرة والشهادة متوقّعة، ولو ضرب العدو الصهيوني فالاغتيال وارد والوفيات متوقّعة، لكننا بالأمس  ذُبحنا بسلاح الفساد الداخلي غير المبرّر.

فمنذ العام 2014 نُشر مقال عن سفينة شحن تدعى “mv RHOSUS “، انطلقت من جورجيا، متوجهة الى الموزمبيق، تم توقيفها في لبنان بسبب مشاكل ميكانيكية، ويشير المقال الى أن السفينة دعيت الى مرفأ بيروت في تشرين اول 2013، وكانت محملة بنترات الأمونيوم، دون معرفة السبب الحقيقي لذلك. يلفت المقال النظر الى أن تفتيش السفينة أودى لتوقيفها ومنذ ذلك الحين ترقد سالمة في المرفأ.

تقاذف المسؤوليات اليوم لا يهم، رمي الإتهامات لا جدوى له، فاللبنانيون دفعوا ثمن استهتار المعنيين غالياً، في حين أن المجرمين يسرحون ويمرحون ويلقون المواعظ ويتقاذفون الإتهامات، ويحاولون بالسياسة والطائفية إبعاد أصابع الإتهام عنهم.

منذ لحظة الإنفجار وانهالت التحليلات، قصف اسرائيلي!! استهداف لأسلحة وذخائر لحزب الله! مخطّط أميركي لإشعال المنطقة للقبول بصفقة القرن والتوطين وما إلى هنالك من أثمان سياسية مطلوبة من لبنان!  مفرقعات.. شحنات من نترات الأمونيوم ..

تفاصيل لا تهمّ، ضربة اسرائيلية، مخطّط أميركي، صفعة ايرانية ، برازيلية، سعودية، فلسطينية، اوروبية … مرّيخية ، لا يهمّ فالكارثة وقعت والسبب الاساسي الفساد وإهمال الشحنة السامة وتركها في مرفأ بيروت طوال هذه السنوات دون أن يرفّ اي جفن للمسؤولين ومن دون تقدير العواقب لا الامنية ولا الصحية ولا البيئية ولا الإجتماعية ولا حتى الإقتصادية!

عن أي فساد نتحدّث هنا؟ فساد فاق كل التوقعات ضرب لبنان بالصميم، فساد أفقد لبنان خيرة شبابه من العاملين في المرفأ ومن عناصر الدفاع المدني، فساد سبّب كارثة نووية تعادل قنبلة هيروشيما، فساد أدى الى استشهاد اكثر من مئة شخص وجرح أكثر من 4000 آخرين، فساد قضى على أهم وأكبر مرفق اقتصادي في البلد، فساد سبّب بأزمة بيئية بسبب الملوثات الناجمة عن الإنفجار، فساد هدّم منازل أحياء كاملة وشرّد المئات، فساد حرق بيروت وقضى على آخر متنفّس للبنان.. فساد ليس قبله ولا بعده، فساد نخر عظام وقلوب اللبنانيين الذين إن لم يموتوا بالجسد ، ماتت قلوبهم!!

المحاسبة ثم المحاسبة وثم المحاسبة، إعلان بيروت منطقة منكوبة وإعلان حال الطوارىء وإقفال البلد لاسبوعين … الخطابات الرنانة والأكاذيب المستمرة لن تنفعنا ، ومع شكر رؤساء العالم على مساعداتهم، إلا أن المصيبة مصيبتنا والجمرة لا تلدع إلا صاحبها!!

لا يسكت اللسان اذا تحدثنا عن الفساد، هول الفاجعة التي أصابت لبنان أكبر من أن يبلع أو يسكت عنه، ولا تبريد لقلوب اللبنانيين إلا بالمحاسبة الفعلية، بحرق المجرمين كما أحرقوا قلب بيروت، وإلا، فالغضب الساطع حتما آت !

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This