تزداد الأمور سوءاً على كافة الأصعدة، مع إستمرار أزمة كوفيد-19، غير أنّ الحلقة الأضعف بين المتضررين هم الأطفال. فوسط المخاطر الصحيّة والغذائية العديدة التي تواجههم، حذّر رؤساء اليونيسف، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية من أن جائحة كوفيد-19 تقوّض التغذية في جميع أنحاء العالم، وخصوصاً في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، في حين يتحمل الأطفال الصغار الوطأة الأشد. فثمة عدد متزايد من الأطفال والنساء يعانون من سوء التغذية بسبب تراجع نوعية أنماطهم الغذائية، وتعطيل خدمات التغذية، والصدمة الناشئة عن الجائحة.
بناءً عليه، تدعو اليونيسف في إطار حملة «رؤية جديدة» التي تديرها، إلى القيام بعمل مستعجل لمنع سوء التغذية الناجم عن جائحة كوفيد-19 ومعالجته، إذ تطلق الأوساط الإنسانية نداءً لتوفير 2.4 بليون دولار لتحسين تغذية الأم والطفل. وتهدف الحملة إلى الحيلولة دون أن تصبح جائحة كوفيد-19 أزمة دائمة للأطفال، خصوصاً أشدهم ضعفاً. كذلك تطلق اليونيسف من خلال الحملة نداءً عاجلاً للوالدين، والحكومات والجمهور والجهات المانحة والقطاع الخاص، لينضموا إليها لوضع رؤية جديدة للعالم المحاصر حالياً بأزمة فيروس الكورونا.
وتأتي هذه الحملة بعد أن حذّرتْ اليونيسف، من أن 6.7 ملايين طفل إضافي دون سنة الخامسة، قد يعانون من الهزال – مما سيصيبهم بنقص تغذية خطير – في عام 2020، نتيجة للتأثيرات الاجتماعية-الاقتصادية لجائحة كوفيد-19.
ووفقاً لتحليل نُشر في مجلة «ذا لانسيت» العلمية، سيكون 80 بالمئة من هؤلاء الأطفال، من منطقتي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا. بينما سيكون أكثر من نصفهم من منطقة جنوب آسيا لوحدها.
فاقمت جائحة كوفيد -19 العديد من المشاكل وكما تصرّح اليونيسيف، وحتى قبل وقوع الجائحة ، كان يوجد 47 مليون طفل يعانون من الهزال (أحد أشكال سوء التغذية ) في عام 2019. لذا ومن دون عمل عاجل، قد يصل هذا العدد الأطفال إلى أكثر من 54 مليوناً على امتداد السنة، مما سيرفع المعدل العالمي للهزال إلى مستويات غير مسبوقة في هذه الألفية.
في حين وجد تحليل مجلة «ذا لانسيت» أن انتشار الهزال، بين الأطفال دون سن الخامسة قد يزداد بنسبة 14.3 بالمئة، في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في هذه السنة، نتيجة للتأثيرات الاجتماعية-الاقتصادية لجائحة كوفيد-19. وستُترجم مثل هذه الزيادة في سوء التغذية لدى الأطفال ،إلى أكثر من 10,000 وفاة إضافية شهرياً ، وسيحدث أكثر من 50 بالمئة منها في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
في الجهة المقابلة، الأزمة لا تقتصر عند هذا الحد بحيث إن تقديرات الزيادة في الهزال بين الأطفال ما هي إلا غيض من فيض. فقد حذّرت وكالات الأمم المتحدة من أن جائحة كوفيد-19 ، ستؤدي أيضاً إلى زيادة الأشكال الأخرى لسوء التغذية بين الأطفال والنساء، بما في ذلك التقزم، ونقص المغذيات الدقيقة، وزيادة الوزن، والسمنة نتيجة للأنماط الغذائية السيئة وتعطيل خدمات التغذية. وتشير تقارير اليونيسف من الأشهر المبكرة للجائحة إلى حدوث تراجع عام في تغطية خدمات التغذية الأساسية — والتي عادة ما تكون منقذة للأرواح — بنسبة 30 بالمئة. فيما وصلت في بعض البلدان، هذه التعطيلات إلى ما بين 75 إلى 100 بالمئة نتيجة لإجراءات ملازمة المنازل.
ففي أفغانستان وهايتي، على سبيل المثال، أدى الخوف من الإصابة إضافة إلى نقص معدات الحماية للعاملين الصحيين، إلى تراجع يُقدّر بـ 40 و 73 بالمئة، على التوالي، في الإدخال إلى المرافق الصحية لمعالجة الهزال الحاد لدى الأطفال. وفي كينيا، تراجع إدخال الأطفال إلى المرافق الصحية بنسبة 40 بالمئة. ويفتقد أكثر من 250 مليون طفل في العالم للفوائد الكاملة، لمكملات فيتامين ألف بسبب جائحة كوفيد-19.
بناءً عليه، تحتاج الوكالات الإنسانية فوراً إلى تمويل بقيمة 2.4 بليون دولار، لحماية تغذية الأم والطفل في البلدان الأشد ضعفاً من الآن وحتى نهاية السنة.