بات من المتعارف عليه في السنوات الأخيرة أهميّة التغيّر المناخي وارتباط مفايله بشكل أساسي بتغيّر نمط حياة البشرية من جهة وتبدّل مصادر الغذاء الخاصة من جهة أخرى. فالتغيرات تصيب كل ما في الارض من تنوع نباتي، وقد تصل إلى درجة تهدّد فيها غذاء الانسان ومقومات وجوده. ومنذ سنوات ويحذّر العلماء من أنه مع تزايد خطر التغير المناخي، قد يضطر الانسان إلى التكيف مع فقدان الكثير مما أغدقته الأرض عليه، ومنها، البن (القهوة)!
اليوم، ومع ارتفاع حدة التغيّر المناخي ، فإن مستقبل المشروب الأسود المنبّه بات في خطر كبير!!
فحسب دراسة أجرتها مجلة “Science Advances” الأميركية، 60 في المائة من أنواع البن البرية مهددة بالانقراض بسبب التغير المناخي، ، بما في ذلك قهوة نوع “أرابيكا” التي تمثل أكثر من نصف الإنتاج العالمي. حوالي 10 ملايين مزارع يحترفون زراعة البن في إفريقيا، وتبلغ المساحة الإجمالية المزروعة حوالي مليوني هكتار. وتتصدر إثيوبيا وأوغندا قائمة المصدرين بأكثر من 70 في المئة من إجمالي الصادرات الإفريقية. وعموما فإن منطقة شرق إفريقيا هي إحدى مناطق العالم الأكثر ملاءمة لزراعة البن، ففي المرتفعات تكون درجات الحرارة معتدلة وتهطل الأمطار بشكل كاف والتربة خصبة.
لكن هذه العوامل المناسبة والضرورية لزراعة القهوة يهددها الآن التغير المناخ. المزارعون في هذه المناطق يلاحظون أن محاصيل القهوة تراجعت بقوة مقارنة بالمحاصيل قبل 10 أو20 عاما. ويرون أن ارتفاع الحرارة والجفاف والفيضانات وإزالة الغابات والأمراض والآفات هي المسؤولة عن ذلك.
فريدل هوتس-آدمس، من المعهد الألماني “زود-فيند” المهتم بقضايا الاقتصاد العالمي، يرى أنه من الضروري إنتاج أنواع أكثر مقاومة للمناخ والتركيز على إيجاد حلول للمزارعين. المختصون الزراعيون ينصحون بزراعة البن بشكل أفضل واختبار التربة وتوفير نباتات بن جديدة أكثر مقاومة للتغير المناخي. بالإضافة إلى ذلك، يجب الاعتماد على الزراعة المختلطة، على سبيل المثال، عن طريق زراعة الموز والمكسرات كمصادر جديدة للعيش بالنسبة للمزارعين. ورغم ذلك يرى هوتس-آدمس أنه بدون دعم الحكومات والشركات لا يمكن توفير القهوة. فالاستثمارات ضرورية لأن الأمر قد يستغرق سنوات وإنفاق آلاف الدولارات على نباتات البن الجديدة حتى تؤتي ثمارها.