يشكّل هذا العام محطة مفصليّة أساسية في حياة الأطفال في مختلف أصقاع العالم، فلم يسلم ولا أيّ طفل من تداعيات جائحة كورونا فضلاً عن الحرول والنزاعات المستمرّة في بعض البلدان العربية.
طوال السنوات السابقة والجمعيات المعنيّة بحقوق الطفل تنادي بأبسط الأولويات المحقّة في حين أن فيروس كورونا قلب الماييس هذا العام فزاد من حرمان الأطفال في مختلف الإتجاهات وحوّل أحلامهم إلى كوابيس متنقّلة بين التعليم عن بعد من جهة والحجر الإلزامي المنزلي من جهة لأخرى والبحث عن معنى الطفولة في مرحلة ثانية…
وبحسب تقرير نتظمة اليونيسيف، فقد أدت جائحة كوفيد-19 إلى أزمة في حقوق الطفل وتركت آثار واضحة وراهنة على الأطفال، وإذا لم تتم معالجتها فقد تستمر مدى الحياة!!
فما العمل ؟
تدعو اليونيسف إلى القيام بعمل عالمي من أجل:
- المحافظة على صحة الأطفال وتزويدهم بتغذية جيدة
ستحقق الجهود الدولية لتعزيز الأنظمة الصحية فوائد كثيرة في مكافحة الفيروس، وذلك من خلال ضمان وصول الإمدادات ومعدات الحماية إلى المجتمعات المحلية المتأثرة، وتدريب العاملين الصحيين على منع انتشار مرض فيروس الكورونا وتشخيصه ومعالجته. بيد أن تحمُّل الأنظمة الصحية ضغوطاً تفوق طاقتها يهدد أكثر من هؤلاء الذين يصابون بكوفيد-19.
ففي الأجزاء الأشد فقراً في العالم، يتعرض الأطفال المحتاجون للخدمات الأساسية والضرورية لخطر حرمانهم منها — بما في ذلك الخدمات التي تحمي من أمراض من قبيل التهاب الرئة والملاريا والإسهال. فالتعطيلات لسلاسل الإمداد والرعاية الصحية تهدد بتقويض المكاسب التي تحققت مؤخراً في مجال صحة الأطفال وتغذيتهم ونمائهم، مما قد يؤدي إلى ازدياد كبير في وفيات الأطفال. وتعني التعطيلات لأنظمة الغذاء وبرامج التغذية أن يظل الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية دون علاج، مما يزيد خطر الهزال أو سوء التغذية المستمر، وهذا يسبب التقزّم. كما بوسع التعطيلات لخدمات التحصين أن تؤدي إلى تفشي الأمراض التي تتوفر لقاحات لمنعها.
ومع تعرّض الأنظمة الصحية لأعباء شديدة، سيفقد أطفال حياتهم بسبب أمراض يمكن منعها.
تدعو اليونيسف الحكومات والشركاء للمحافظة على الخدمات الصحية المنقذة لأرواح الأمهات والمواليد الجدد والأطفال. وهذا يعني مواصلة تلبية الاحتياجات المستعجلة الناشئة عن كوفيد-19، وفي الوقت نفسه الاستمرار بتقديم التدخلات الصحية الحيوية، من قبيل تمويل برامج التغذية والتحصين التي تضمن بقاء الأطفال وازدهارهم. ويجب أن تعمل استجابتنا لكوفيد-19 على تعزيز الأنظمة الصحية وضمان الرعاية الجيدة والشاملة للجميع والميسورة على المدى البعيد.
- تزويد الأطفال بخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية
لقد باتت حماية أنفسنا والآخرين من خلال غسل الأيدي وممارسات النظافة الصحية السليمة أهم من أي وقت مضى. إلا أن مرافق المياه والنظافة الصحية تظل بعيدة المنال للعديد من الأطفال.
ولا يحصل بعض الأطفال على المياه المأمونة لأنهم يعيشون في مناطق نائية، أو في أماكن تتوفر فيها مياه غير مُعالجة أو ملوثة. ويفتقر أطفال آخرون لإمكانية الوصول إلى المرافق لأنهم دون بيت، حيث يعيشون في أحياء فقيرة أو في الشوارع.
وما زال حوالي 40 بالمئة من سكان العالم يفتقرون لمرافق غسل الأيدي الأساسية بالماء والصابون في منازلهم — وتزداد هذه النسبة في أقل البلدان نمواً لتصل إلى حوالي ثلاثة أرباع السكان. وتدعو اليونيسف الحكومات أن تولي الأولوية للأطفال الأشد ضعفاً. ونحن نوجه نداءً ملحاً لتوفير التمويل والدعم كي نتمكن من الوصول إلى عدد أكبر من البنات والأولاد وتزويدهم بمرافق المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية الأساسية.
- مواصلة تعليم الأطفال
يتعرض جيل بأكمله من الأطفال لتعطيل تعليمه. قد عطّلت إغلاقات المدارس على المستوى الوطني في ذروتها تعليم نحو 1.57 بليون طالب — أو 91 بالمئة من طلاب المدارس في العالم — وأدى ذلك إلى تبعات مدمرة.
ويتحمل الأطفال المهمشون الوطأة الأشد إذ يزداد انعدام المساواة في التعليم. وثمة حوالي 346 مليون طفل لا يتمكنون من استخدام الإنترنت للوصول إلى التعلّم عن بُعد. أما أولئك الذين يعتمدون على برامج التغذية القائمة على المدارس، فيعني إغلاق المدارس حرمانهم من الغذاء الذي يحتاجونه ليتعلموا ويزدهروا.
وقد أظهرت الإجراءات السابقة لإغلاق المدارس أن الأطفال الذين يظلون خارج المدارس لفترات طويلة، خصوصاً الفتيات، أقل أرجحية بأن يعودوا إليها.
يجب أن نفعل المزيد للتحقّق من إمكانية حصول متساوية على التعليم الجيد لجميع الأطفال. ويجب على الحكومات أن تولي الأولوية لإعادة فتح المدارس واتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لفتحها على نحو آمن. وحيثما تظل المدارس مغلقة، يجب على الحكومات أن توسّع خيارات التعلّم في المنزل، بما في ذلك الحلول غير التكنولوجية والحلول ذات التكنولوجيا البسيطة، مع تركيز مباشر على الأطفال الأكثر عرضة للتهميش.
وليس الوقت الحالي وقتاً ملائماً لتحويل التمويل الوطني المخصص للتعليم، بل يتعين على الحكومات أن تستثمر في التعليم وأن تحشد قواها لسد الفجوة الرقمية. وإذا عمل المجتمع الدولي بتآزر، فيمكننا ربط 3.5 بلايين طفل ويافع بشبكة الإنترنت بحلول عام 2030 – مما يضمن تمكين كل طفل وفي كل مكان من التعلّم عبر الإنترنت. وستواصل اليونيسف وشركاؤها العمل معاً للمحافظة على ربط الأطفال بالإنترنت وتعلّمهم
- دعم الأُسر لتغطية احتياجاتها ورعاية أطفالها
سيشعر الأطفال الأكثر عرضة للتهميش في العالم بالوطأة الأشد للتأثيرات الاجتماعية-الاقتصادية لكوفيد-19. ويعيش العديد منهم أصلاً في الفقر، وتُهدد تبعات إجراءات الاستجابة لكوفيد-19 بدفعهم — وملايين غيرهم — أكثر نحو المشقة.
وإذ يكافح الوالدون في جميع أنحاء العالم للمحافظة على سبل عيشهم، يجب على الحكومات توسيع إجراءات الحماية الاجتماعية – البرامج والسياسيات التي تربط الأسر بالإجراءات المنقذة للأرواح، كتوفير الدخل، والرعاية الصحية، والتغذية، والتعليم.
وتتضمن الحماية الاجتماعية التحويلات النقدية والدعم للغذاء والتغذية. كما تتضمن مساعدات حكومية لحماية الوظائف.
ومن دون عمل عاجل للحد من التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية لتفشي كوفيد-19 وتلك الناشئة عن إجراءات الاستجابة، فإن عشرات الملايين من الأطفال الذين يعيشون على حافة العسر سيسقطون في براثن الفقر.
- حماية الأطفال من العنف والاستغلال والإساءات
تتزايد عوامل خطر العنف والاستغلال والإساءات للأطفال الذين يعيشون في ظل إجراءات تقييد الحركة والتراجع الاجتماعي‑الاقتصادي. وقد بيّنت حالات الطوارئ الصحية السابقة أن البنات يواجهن أثناءها مستوى عالياً من خطر التعرض للعنف الجنساني، والزواج المبكر، والحمل.
ومع إغلاق المدارس وما نشأ عنه من عزلة، يصبح الأطفال الذين يعانون من العنف في المنزل أو عبر شبكة الإنترنت مقطوعين عن المساعدة، خصوصاً مع انقطاعهم عن المعلمين والعاملين الاجتماعيين وغير ذلك من أشكال الدعم الرئيسية. وفي الوقت نفسه، قد يعاني الأطفال من التوتر الإضافي والوصم الذي تتعرض له الأسر التي تكابد كي تعيل نفسها.
يجب على الحكومات أن تولي الأولوية للخدمات الحاسمة للأطفال لمنع العنف والاستجابة إليه. وعليها أن تحافظ على هذه الخدمات وأن تكيّفها، وأن تأخذ بالاعتبار الأخطار الفريدة التي تواجهها البنات والأطفال الأشد ضعفاً عندما تخطط لإجراءات التباعد الاجتماعي وغيرها من الإجراءات للاستجابة لكوفيد-19. علينا أيضاً أن ندعم الأطفال الذين قد ينفصلون مؤقتاً عن والديهم بسبب المرض، وكذلك أولئك المحرومين من حريتهم — وأن نعمل معاً للاستعداد لحدوث زيادة في عدد اليافعين الذين يسعون للحصول على حماية وحلول للصحة العقلية عن بُعد.
- حماية الأطفال اللاجئين والمهاجرين وأولئك المتأثرين بالنزاعات
يواجه الأطفال اللاجئون والمهاجرون وأولئك المتأثرون بالنزاعات انتهاكات فظيعة لحقوقهم الإنسانية يومياً وتهديدات لسلامتهم وعافيتهم — وهذا حتى دون الجائحة. كما أن إمكانية الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية للعديد من هؤلاء الأولاد والبنات محدودة بشدة، بينما يعيشون في ظروف مزدحمة تجعل الالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي أمراً غير ممكن.
يجب ألا يصبح هؤلاء الأطفال، والذين يعيشون محجوبين عن أنظار العالم في أغلب الأحيان، منسيين أثناء الاستجابة لكوفيد-19. وكان من المتوقع أصلاً أن يفوق عدد الناس الذين يحتاجون لمساعدة في عام 2020 أي وقت مضى، وما من شك أن هذه الجائحة ستفاقم مواطن الضعف للأطفال في البلدان المتأثرة بالأزمات.