“عيد بأي حال عدت يا عيد” .. قد يكون هذا العام من أكثر الأعوام التي ينطبق عليها هذا المثل قلباً وقالباً، فقالب الوطن  تصدّع وقلب المواطن يبكي.

قالب الوطن أنهكته المحاصصات  السياسية والمصالح الشخصيّة  كما الإدارات الماليّة،  فأنهكت معها المواطن اللبناني  بانهيار اقتصادي لا سابق له وتدهور لقيمة الليرة اللبنانية وحجز لأموال المودعين وتبخّر شقاء عمرهم..

لا حديث لحقوق المواطنين في هذه الآونة، لا حقيقة تعلو فوق واقع الإنهيار السياسي، الإقتصادي، الأمني، الإنمائي والتربوي ، ليكتمل المشهد بسيناريو الإنهيار الصحي مع حلول فيروس كورونا ضيفاً ثقيلاً في كل منزل لبناني افتقرت جيوب سكّانه للمال ونفسهم  لراحة البال والطمأنينة.

يطلّ العيد هذا العام بحرقة كبيرة لناس خسرت أعزّاء لها وفلذات أكبادها في انفجار لم تتّضح معالمه بعد، أو طُمرت حقائقه  بالأحرى.

يطلً العيد وتعويضات المتضررين مادياً جراء الإنفجار لم تُدفع بعد، رغم أن الكثيرين باتوا بلا مأوى ولا عمل.

يطلً العيد وآلاف العاطلين عن العمل يبيعون ملابسهم و أثاث منزلهم ليشبعوا أطفالهم ، أغلى ما لديهم.

يطلً العيد والحرقة تكوي قلوب أطفال لن يشعروا باقتراب الأعياد لفقرهم.

يطلً العيد والتجار لا يشبعون من فحش الغلاء غير المبرّر، رغم واقع ارتفاع أسعار الدولار.

يطلً العيد هذا العام وقيمة الليرة تنهار على مرأى الكبار، أصحاب السياسات الماليًة، وأسعار الدولار تلعلع متنقّلة بين سوق سوداء وأخرى، حوًلت أصحاب الدخل المتوسّط إلى فقراء لا قيمة لمداخيلهم ولا قدرة شرائيّة لحفنة الأموال التي يتقاضونها.

يطلً العيد، والأدوية مقطوعة والخبز متلاعب بوزنه وقيمته، والتهديد يطلّ برأسه بين كل فينة ليثبّت اليأس في نفوس المواطنين بأن الدعم سيُرفع تارة عن الطحين وطوراً عن الأدوية والمازوت والبنزين .. ليموت اللبناني من قهره!

يطلّ العيد، والكثير من العائلات غير قادر على تحضير “سفرة العيد” وهداياه ولا حتى الإجتماع بالأحباب بسبب تشابك مصالح الإنهيار الإقتصادي وكورونا في آن معاً.

يطلً العيد ولا زينة حتّى على الطرقات ، فأين ذهبت زينة الأعوام السابقة المتجدّدة سنة بعد أخرى؟

يطلً العيد وحتى البلديات والجمعيات الإنسانيّة غير قادرة على توزيع الهدايا على أطفال محتاجين لا يفقهون شيئاً  من فجور هذه الحياة التي أجبرت فاعلي الخير على استبدال الألعاب بربطات الخبز وأكياس الرز.

يطلّ العيد وكل بيت يعيش غصّة  تجعل التمسّك بالإيمان وبقدرة طفل المغارة على تغيير المستحيل، الأمل الوحيد بغد أفضل .

مع كل تلك المصائب، هل نسأل عيد بأي حال عدت يا عيد؟

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This