“العمال في عيدهم يفتقدون للعمل” ، بهذا العنوان” احتفلنا” العام الماضي بالعيد الذي نتذكرّه في الأول من أيار ، فماذا سنقول اليوم والعامل قد فقد عمله وراتبه معًا؟
ماذا نقول والعامل وبسبب ارتفاع الدولار من جهة وأسعار المنتجات من جهة أخرى، قد خسر حتى كرامته!
كيف نعايده ونقول له “كل عام وأنت بخير” وهو اليوم ليس بخير؟
ماذا نتمنى له وأدنى مقوّمات الحياة غير متاحة وحقوقه باتت في خبر كان؟
عن أيّ عيد نتحدّث وبأيّ تكريم نطالب في حين أن رواتب العمّال خسرت قيمتها الإستهلاكية بنسبة كبيرة،حتى بات الحدّ الأدنى للأجور يساوي 72 دولاراً بعد أن كان يوازي نحو 450 دولارًا!
كيف نشجّعه على الإستمرار بالعطاء والعمل بإيجابية، والظّروف المحيطة به أعادت إلى الأذهان منطق “العبوديّة” في حين أن الخوف من خسارة “العمل” بات المحفّز الأوّل والأخير على الإستمرار في أداء الواجبات من دون البحث عن حقوق!
كيف نقنع العامل بأهميّته مهما ارتفع او تواضع منصبه، وهو يأكل اليوم وقد لا يفعل غدّا؟
بماذا نجبر خاطره والذلّ يصاحبه على مدار السّاعة، فيعمل دون كلل أو ملل ليعيش بكرامة هو وعائلته، فتعاكسه الظّروف والقرارات السّياسية وارتفاع سعر الدولار ليضطرّ أن يعيش دون خط الفقر ومن قلّة الموت.
لا استثناء لأيّ عامل اليوم مهما اختلفت مراكزه، وبحسب دراسة قامت بها “الدولية للمعلومات”، يمثّل التراجع ما نسبته 84 بالمئة من قيمة الحدّ الأدنى للأجور، وكنتيجة للتراجع، فقدت الرواتب في القطاعين العام والخاص قيمتها. وبات موظف برتبة مدير عام من الدرجة الأولى، يتقاضى نحو 478 دولاراً بعد أن كان راتبه يساوي نحو 3000 دولار!!
مع ارتفاع الدولار من جهة ورفع الدعم المخطّط له في نهاية أيار من جهة أخرى، كيف يستمرّ العامل في المكابرة على احتياجاته الأساسية؟ كيف يتنقّل من منزله إلى مكان عمله وسعر صفيحة البنزين سيصل إلى 150 ألف ليرة لبنانية؟ من يتحمّل الفروقات الشاسعة وكيف سيلبّي احتياجات عمله وعائلته؟
ماذا سيتبقّى له من راتبه للأكل والطبابة، كما للمدارس ولمتطلبات الأطفال التي باتت حكمًا مقتصرة على الأساسيّات؟ هل سيستطيع أن يدفع كمبيالاته المستحقّة أو يتعثّر فتطالبه المصارف وتطاله بالقانون فترميه في السجن؟
هل يتحوّل من عامل محترم ومثقّف إلى لصّ وسارق ليعيل عائلته؟ هل يشحذ على الطرقات؟ هل يحرم أطفاله من التعليم؟ هل يموت بسبب عدم تمكّنه من شراء دواء على حساب إطعام أطفاله؟
ماذا نقول للعامل هذا العام وكيف نعايده؟ هل نشجّعه على الهجرة التي باتت مطلب كل الشباب اللبناني؟
في المسؤولية، لا استثناء لأي مسؤول أو سياسي، كما لا عتب على أصحاب العمل، فالمطلوب قرار مدروس وموحّد لرفع الحدّ الأدنى للأجور ليتناسب مع المتغيّرات الإجتماعية والإقتصادية كما المالية والإنسانية الحاصة في المجتمع اللبناني. قد يقول البعض ” عم نحلم أكيد” فواقع الشّركات قد يكون ليس بأفضل من حال العامل، وقد يتذرّع بعض أصحاب المهن باستحالة هذا الموضوع…
لكن بين استحالة رفع الأجور واستحالة التّأقلم مع أجر لا يقي الجوع، هناك استحالة للعيش والإستمرار، فهل من خيارات متاحة؟ هل من أذن تسمع؟ هل من مسؤول يتحرّك؟
بين هذا الواقع وذاك المطلب، وبين ضرورة رفع الحد الأدنى للأجور.. لا يمكن هذا العام إلا التوجّه للعامل بالقول: ” صحتك بالدني” ، على أمل أن لا نترحّم عليه في العام المقبل!!