قلبت جائحة كوفيد- 19 التوقعات العالمية ، تحديداً فيما يتعلق في مجال التقدّم والتطوّر على كافة الأصعدة الاجتماعية، الاقتصادية، التربوية والصحيّة. فمن المعلوم أن العالم قبل الجائحة، كان يمر بأوج مراحل التقدّم التكنولوجي، الذي انعكس بدوره على كافة جوانب الحياة، غير أن الجائحة نسفت في كثير من المجالات أوجه هذا التقدّم.

ولكن الأمر الأكثر قلقاً هو ارتفاع عدد الاشخاص الذي يعانون من الفقر المدقع نتيجة الجائحة. فوفق توقعات النمو الواردة في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الصادر عن صندوق النقد الدولي، قدر أن ما بين 88 و115 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، سيقعون في غيابات الفقر المدقع في عام 2020. في الجهة المقابلة، وباستخدام التوقعات الواردة في هذا التقرير في يناير/كانون الثاني 2021، فمن المتوقع الآن أن يرتفع عدد الفقراء الجدد بسبب جائحة كورونا، إلى ما بين 119 و124 مليون.

وتجدر الاشارة في هذا السياق، إلى أنّه يتم احتساب عدد الفقراء الجدد بسبب جائحة كورونا، بأنه الفرق بين معدل الفقر المتوقع في ظل وقوع الجائحة، ومعدل الفقر المتوقع دون وقوع الجائحة.

تعتبر جائجة كوفيد – 19 من الأزمات الصعبة وذات العواقب الوخيمة التي عصفت بالعالم،  فقبلها كانت الزيادة الأخرى الوحيدة الناجمة عن أزمة في عدد الفقراء على الصعيد العالمي، في العقود الثلاثة الماضية هي بسبب الأزمة المالية الآسيوية، التي زادت أعداد الفقراء المدقعين بمقدار 18 مليون شخص في عام 1997، و 47 مليون شخص آخر في عام 1998.

في حين وللمرة الأولى منذ 20 عاماً، من المرجح أن يزداد معدل الفقر زيادة كبيرة. اذ تشير التقديرات إلى أن جائحة كورونا ستزيد من معدلات الفقر المدقع ما بين 88 مليون شخص (تقديرات أولية/خط الأساس)، و 93 مليون (تقديرات ثانوية/ اتجاه سلبي) في عام 2020. وبالنظر إلى أولئك الذين لولا الجائحة لتمكنوا من الإفلات من براثن الفقر المدقع ولكنهم وقعوا في غيابات الفقر المدقع بسبها (حوالي 31 مليون شخص في عام 2020)، فإن مجموع الفقراء الجدد الناجم عن هذه الجائحة في عام 2020 يقدر بنحو 119 إلى 124 مليون شخص. منهم نحو 60% يعيشون في منطقة جنوب آسيا.

تفصيلياً، تظهر الزيادة في عدد الفقراء أيضا عند خط الفقر الذي يبلغ 3.20 دولارات. حيث زاد عدد الفقراء الجدد على مستوى العالم بناء على سيناريوهات خط الأساس، حسبما ورد في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية من 175 مليون إلى 228 مليون شخص، (من يونيو/حزيران 2020 إلى يناير/كانون الثاني 2021) ، ويرجع معدل الزيادة إلى منطقة جنوب آسيا. وعند خط الفقر البالغ 5.50 دولارات، لا تزيد التغيرات السلبية على مستوى التقديرات العالمية، حيث إن تقديراتنا الجديدة تقع في الواقع ضمن النطاق الذي قدر استنادا إلى تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية لشهر يونيو/حزيران. ويرجع ذلك إلى حدٍ كبيرٍ إلى آفاق أفضل من المتوقع بالنسبة لمنطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ في مقابل الاتجاه التصاعدي لمنطقة جنوب آسيا.

بناءً عليه، فمن المتوقع أن يرتفع عدد الفقراء بسبب هذه الجائحة إلى ما بين 143 و163 مليون شخص في عام 2021  .  وعلى الرغم من أن تقديرات عام 2021 لا تزال أولية، فإنها توضح أن هذه الأزمة لن تكون قصيرة الأجل بالنسبة لملايين الناس في جميع أنحاء العالم. وفي حين نجا في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية 42 مليون شخص من براثن الفقر المدقع في عام 1999، وفي المتوسط، نجا 54 مليون شخص من براثن الفقر المدقع سنويا في العقدين السابقين لجائحة كورونا.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This