تتفاقم تأثيرات مشكلة تغيُّر المناخ، وتترجم بشكل مباشر من خلال الماء.  بحيث ان تسعةُ من كل عشر كوارث طبيعية لها صلة بالمياه، كذلك تتعاقب تلك المخاطر المناخية في منظومات الغذاء والطاقة والعمران والبيئة.

ووفق البنك الدولي فان تأثيرات هذا الامر تطال أكثر من ناحية بحيث أن تيسير الحصول على خدمات تُدار إدارةً سليمة للمياه والصرف الصحي، له تأثيرا مباشرا على صحة المجتمع ورفاهته، وهو ما يُؤثِّر بالتبعية على مستويات التحصيل الدراسي، وإنتاجية العمل في هذا المجتمع، ومن ثمَّ يُسهِم في تخفيف وطأة الفقر. ومن ناحيةً أخرى، قد تكون لإدارة الموارد المائية إدارةً سليمة آثارُ إيجابية ملموسة على الإنتاج الزراعي، وسلامة البيئة، وتوليد الطاقة.

وأوضح  مثال على ذلك، هو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث أظهر تقرير صدر حديثاً في هذا الموضوع أن بها أكثر من 60% من السكان مُعرَّضون لنقص المياه، وأن 85% من كميات المياه المسحوبة مُخصَّصة للزراعة.

ولهذا الأمر انعكاسات عديدة، ففي الواقع قد يُفضِي تزايد شح المياه إلى هبوطٍ للإنتاج الزراعي، تزيد نسبته على 60% في بعض البلدان. وفي بلدان المشرق العربي، كما هو مُبيَّن في تقرير صدر حديثا عن البنك الدولي، قد يؤدي ازدياد شح المياه إلى تقليص الطلب على الأيدي العاملة بما يصل إلى 12% وإلى تغيرات كبيرة في استخدامات الأراضي، بما في ذلك فقدان خدمات الأرصاد الجوية والمائية النافعة.

وكمثال آخر ففي المغرب، أظهر مشروع تحديث الري واسع النطاق، أن الحلول الشاملة لعدة قطاعات قد تساعد في التغلب على هذه التحديات. ويُشجِّع المشروع في الواقع على تبنِّي نظام الري بالتنقيط في عدد من ولايات المغرب، ومن ثم يساعد على الاقتصاد في استخدام المياه والطاقة، وفي الوقت نفسه زيادة الإنتاجية الزراعية.

على المقلب الآخر، فقد كانت لجائحة كوفيد -19 تأثيرات مباشرة على هذا الصعيد، فمع قدومها اشتدت الصلة بين الصحة والحصول على خدمات المياه والصرف الصحي.  لذا لجأ البنك الدولي الى اطلاق مشاريع تراعي الوضع الصحي القائم، من خلال المشروع الطارئ للصحة والتغذية ، وتحديداً في البيئات التي تعاني من الهشاشة والصراع والعنف، الذي ساعد على تزويد 4.82 ملايين شخص بخدمات مُحسَّنة لمياه الشرب والصرف الصحي، وتلقَّى 5.72 ملايين شخص اللوازم المستهلكة للنظافة الصحية في المناطق المصابة بالكوليرا. كذلك تم تفعيل مُكوِّن الاستجابة في حالات الطوارئ المحتملة في أكتوبر/تشرين الأول 2020، الأمر الذي سهَّل توفير إمدادات الوقود لما يبلغ 33 منشأة محلية للمياه والصرف الصحي في 14 محافظة، وكذلك توزيع مستلزمات مياه الشرب والصرف الصحي والنظافة العامة، والمواد غير الغذائية لخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة العامة، وتوفير المياه المنقولة بالشاحنات، وإنشاء المراحيض لمخيمات النازحين داخليا والمجتمعات المضيفة، والمناطق التي تعاني شح الموارد المائية.

علاوةً على ذلك، تم تزويد 1.2 مليون شخص من خلال المشروع الطارئ للخدمات الحضرية المتكاملة- المرحلة الأولى على خدمات المياه النظيفة والصرف الصحي، وتم التخلص على نحو آمن من أكثر من مليون طن من النفايات المتراكمة، واستعاد 3.05 ملايين مستفيد إمكانية الحصول على الخدمات الحضرية الحيوية.

بناءً على ما تقدم ومن خلال الحفاظ على استدامة الموارد المائية، وتقديم الخدمات، وبناء القدرة على الصمود في وجه الصدمات، يساعد البنك الدولي البلدان المتعاملة معه على تحقيق عالمٍ ينعم بالأمن المائي، بفضل الحلول المتكاملة والمبتكرة التي تضع المياه في صميم الجهود المبذولة. وإذا كان لنا أن نعيد البناء على نحوٍ أفضل، ونتصدَّى لتحديات تغيُّر المناخ، فعلينا أن نُشمِّر عن سواعد الجد للربط بين النقاط في قضية المياه واستخلاص الدروس من تجارب الماضي!

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This