تتعرض المحميات الطبيعية في دول العالم كافة، على الرغم من تنوعها البيولوجي و أهميته في محاربة المشاكل البيئيّة وأبرزها التغير المناخي، الى الكثير من التعديات والتجاوزات بغطاء سياسي في معظم الأحيان.

فمنذ سنة 2000، خسرت النُظم الإيكولوجية البرية نحو 1.9 مليون كيلومتر مربع من موائلها الطبيعية، أي ما يزيد عن 180 مرة مساحة بلد مثل لبنان. وكذلك في البحر، وجد تقييم أممي أن 3 في المائة فقط من مساحة محيطات العالم لم تتعرض بعد للضغط البشري.

 

لا تنحصر أهمية المحميات الطبيعية في كونها ثروة بيئيّة بامتياز، بل هي أيضاً مورد رزق لعدد كبيير من سكان العالم،  اذ يعتمد نحو 1.1 مليار شخص على مناطق الغابات المحمية لكسب عيشهم. كما تمثّل المحميات البحرية والبحيرات مورداً، يضمن للأسر الفقيرة العيش الكريم والأمن الغذائي عبر صيد الأسماك. ناهيك عن أن المحميات تعدّ عنصراً فاعلاً، في الحدّ من الآثار الحتمية لتغيُّر المناخ.

بالنظر للأرقام التي تشير الى حجم المحميات الطبيعية، نجد هناك تقدماً واضحاً في هذا المجال، غير أنّه على ما يبدو فهو غير كافٍ في ظل التجاوزات التي تحصل. تفصيلياً، يوجد حالياً 22 مليون كيلومتر مربع (16.6 في المائة) من النُظم البيئية للأراضي والمياه الداخلية، و28.1 مليون كيلومتر مربع (7.7 في المائة) من المياه الساحلية والمحيطات، ضمن المناطق الموثّقة المحمية والمحافظ عليها في جميع أنحاء العالم. وهي مساحات تزيد بمقدار 21 مليون كيلومتر مربع عن مساحات المناطق المحمية عام 2010.

لكن في الجهة المقابلة، ورغم التقدم الحاصل، يعتبر برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب)، أن العالم فشل في الوفاء بالالتزامات المتعلقة بجودة هذه المناطق المحمية، ذلك أن ثلث مناطق التنوع الحيوي الرئيسية على الأرض أو المياه الداخلية أو المحيط ليست محمية على الإطلاق. كما أن أقل من 8 في المائة من الأراضي المحمية متصلة تتيح للأنواع الحية التحرك بشكل طبيعي، وتساهم في صون العمليات البيئية.

أما بالنسبة للتجاوزات الحاصلة بحق المحميات حول دول العالم، فهي عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر، ما يجري حالياً ضمن الدائرة القطبية الشمالية، من تنافس بين الدول على موارد النفط والغاز البحرية، التي باتت في المتناول نتيجة ذوبان الجليد بفعل تغيُّر المناخ.

وفي البرازيل، يشير تقرير صدر مؤخراً إلى أن المساحة التي فقدتها غابات الأمازون، خلال الفترة بين منتصف 2020 ومنتصف 2021 تزيد قليلاً عن مساحة بلد مثل لبنان.

أما في جنوب شرق آسيا، تؤدي زراعة زيت النخيل إلى تدمير مساحة تعادل 300 ملعب كرة قدم من الغابات المطيرة كل ساعة، وفق تقرير صدر عن الصندوق العالمي للطبيعة. كما تؤدي إلى تعريض عدد كبير من الكائنات الحية للانقراض، ولها تأثير كبير في تغيُّر المناخ، ناهيك عن تشغيل الأطفال بما يخالف القوانين الدولية.

 

كذلك لا تسلم المحيات الطبيعية في العالم العربي من التعديات المستمرة عليها، كمحمية ضانا الأردنية، ومحمية “الغابة المتحجرة” قرب القاهرة، كذلك وادي قنديل وبرج إسلام ورأس البسيط وأم الطيور  في سوريا.

يستوجب ما تقدم تحرك فوري وجدي من قبل دول العالم  والعالم العربي بشكل خاص، وقد لجأت بعض الدول العربية الى اتخاذ قرارات جادة في هذا الاطار ، كمبادرة “الشرق الأوسط الأخضر”، التي أعلنتها السعودية بداية هذه السنة وتطلقها رسمياً في منتدى عالمي تستضيفه الرياض نهاية الشهر المقبل، حيث التزمت السعودية ضمن مبادرتها، برفع رقعة المحميات إلى 30 في المائة من مجمل مساحة المملكة.

أما على الصعيد العالمي ، فقد أطلقت أمانة “اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع الحيوي” دعوة للحفاظ، على ما لا يقل عن 30 في المائة من المناطق البرية والبحرية العالمية، من خلال أنظمة محمية بفعالية، ومدارة على نحو منصف، وممثلة إيكولوجياً، ومتواصلة في ما بينها.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This