عانت كل دول العالم من تداعيات كوفيد – 19، غير أن هناك دول عانت أكثر من غيرها، خاصة على الصعيد الاقتصادي و الصحيّ. فوفق منظمة الصحة العالمية بلغ إجمالي عدد من أصيبوا بمرض كوفيد-19 في إقليم شرق المتوسط 20 مليون شخص.
لكن على مدى السنتين الماضيتين، كانت الخسائر الناجمة عن الجائحة مهولة بحسب المنظمة ، حيث فقد أكثر من 324,000 شخص حياتهم، وشهد الاقتصاد تراجعاَ كبيراً.
جاءت هذه النتائج والأرقام في المؤتمر الاعتيادي، حيث قال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، دكتور أحمد المنظري، إن كـوفيد-19 لا يزال يستهدف الأشخاص في جميع بلدان الإقليم دون تمييز، بصرف النظر عن العمر، أو الجنس، أو المهنة، أو الموقع الجغرافي.
وتابع: “لا تزال اللقاحات من أفضل الأدوات لإنقاذ الأرواح. وعلى الرغم من التحديات العديدة، تلقى بالفعل الآن أكثر من 35 في المائة من سكان الإقليم التطعيم بالكامل، رغم أن معدلات التطعيم الكامل تختلف اختلافاً كبيراً بين البلدان – إذ تتراوح بين 1 في المائة و94 في المائة.”
في الجهة المقابلة، يواجه الاقليم عدم إنصاف من ناحية توزيع وتأمين اللقاحات، و عدم الإنصاف هذا يشكل سمة مميزة لهذه الجائحة. فبينما تظل اللقاحات أداة بالغة الأهمية، وفق ما أشار اليه المنظري “يتطلب نجاحنا اتباع نهج شامل يضم الحكومات والمجتمعات المحلية في صميم الاستجابة.”
ارتفعت في الآونة الأخيرة، وتيرة اصابات كوفيد – 19 بحسب منظمة الصحة العالمية، اذ حدثت زيادة هائلة في عدد حالات الإصابة بكوفيد-19 خلال الأسابيع الستة الماضية، حيث تجاوز المتوسط اليومي 110,000 حالة.
في حين، سجل عدد الوفيات ارتفاعا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، حيث بلغ المتوسط اليومي 345 حالة وفاة، إلا أن مستوى هذه الزيادة أقل مما كان عليه خلال الموجات السابقة، ويؤكد ذلك أنّ للتطعيم دوراً في الوقاية من الأعراض الوخيمة والوفيات.
وفي هذا الاطار يقول المنظري: “لكننا نعلم مَنْ هم الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالأعراض الوخيمة للمرض والوفاة، ألا وهم كبار السن، والمرضى المتعايشون مع أمراض أخرى، وقليلو المناعة، والعاملون الصحيون في الخطوط الأمامية. وحتى أقوى النظم الصحية تعاني ضغطاَ شديداً، في إقليمنا وفي سائر أقاليم منظمة الصحة العالمية.”
بناءً عليه، ركز د. المنظري على ما وصفه بالدور الحاسم للمجتمعات المحلية في تحديد مسار الجائحة، ولماذا حتى الآن أدت الانتكاسات في هذا الجانب إلى زيادة مستمرة في سريان المرض، وعدد حالات الإصابة، والوفيات.
وقال: “عادة ما نقول إن الفاشيات –والجوائح– تبدأ وتنتهي في المجتمعات المحلية. فمنذ بداية الجائحة، عملت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها دون كلل أو ملل من أجل إشراك الأطراف المعنية الرئيسية في المجتمعات المحلية، مثل قادة المجتمع، والقيادات الدينية، والعاملين في مجال الرعاية الصحية، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام. ويشمل ذلك تزويدهم بالمعرفة، والموارد، والمساحة اللازمة للمشاركة في القرارات الخاصة بكيفية تنفيذ وتطبيق تدابير الاستجابة لكوفيد-19.”
في الجهة المقابلة، أكد المسؤول الأممي أنه على مدار العامين الماضيين، نجحت المنظمة في تحقيق ذلك من خلال مشروعات تهدف إلى تعزيز الشراكات المجتمعية في مجال التصدي لكوفيد-19، وإنشاء آليات لإبداء الآراء المجتمعية حتى يتسنى سماع صوت المجتمع، وعقد دورات تدريبية وبناء قدرات الشركاء من المجتمع، ومنهم القيادات الدينية، والعاملون الصحيون، وقادة المجتمع، وغيرهم.
لكنه أضاف قائلا: “لا يزال الطريق أمامنا طويلا. فمن أجل بناء مجتمعات قادرة على الصمود في وجه الأزمات، نحتاج إلى أن تكون المجتمعات نفسها مدركة للدور الحاسم الذي تؤديه حتى تصبح طرفا أكثر نشاطا في المعركة ضد كوفيد-19.”
موضحاً أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع –كأفراد وأشخاص من المجتمع المحلي– من أجل اتخاذ إجراءات من شأنها أن تحدد مسار هذه الجائحة.
وقال في ختام كلمته: “في إطار رؤيتنا الإقليمية لعام 2023 – الصحة للجميع وبالجميع – لن تنتهي هذه الجائحة بدون التضامن والعمل الجماعي من جانب جميع الناس، ومنهم المجتمعات المحلية والأفراد.”