تسعى دول العالم جاهدة الى المحافظة على البيئة، في ظل خطر فقدان مواردها، لذا فان تحقيق المشاريع البيئيّة أصبح حاجة ملّحة. من جهة أخرى، تسعى المنظمات المعنيّة الى متابعة هذه الخطوات، وتقديم المساعدات المطلوبة في هذا المجال وصولاً الى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
إحدى أبرز وأهم الخطوات التي تلجأ اليها الدول كوسيلة للحفاظ على البيئة، هي الانتقال الى الخدمات الحكومية الالكترونية، التي من شأنها خفض الإنفاق على المواد الاستهلاكية مثل خراطيش الحبر والورق، وغيرها من الأمور التي تخفف العبأ عن البيئة، فضلاً عن إمكانية الاستفادة من القدرات الذهنية لكافة فئات المجتمع، بمن فيهم ذوي الحاجات الخاصة.
وفي هذا الاطار، سعت العديد من الدول ولا تزال الى الانتقال الى الحكومات الالكترونية، وعلى رأسها دول عربية.
اذ تصّدرت الدول الخليجية الترتيب في مؤشر نضوج الخدمات الحكومية الإلكترونية والنقّالة، حيث جاءت قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في المراتب الثلاث الأولى، في حين حققت الكويت أعلى نسبة تحسن في المؤشر مقارنةً بالعام السابق.
هذه أبرز نتائج النسخة الثالثة لمؤشر نضوج الخدمات الحكومية الإلكترونية والنقّالة في المنطقة العربية، الذي تصدره لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) سنويًا منذ عام 2019.
أما عن كيفية عمل مؤشر، نضوج الخدمات الحكومية الإلكترونية والنقالة فهو يقيس أداء الحكومة في تقديم 84 خدمةً ضرورية للأفراد في مختلف مراحل حياتهم، وللشركات منذ تأسيسها وطيلة إدارة سير عملياتها وصولًا إلى معاملات إغلاقها.
ويتكون المؤشر من ثلاثة أبعاد هي: مدى توفر الخدمة وتطورها؛ واستخدام الخدمة ورضا المستخدمين حيالها؛ والجهود الحكومية المبذولة لتعريف الجمهور بها. وقد احتلّت السعودية المرتبة الأولى في البعد الأول المعني بتوفر الخدمة وتطورها، وتصدرت قطر نتائج بُعدي الاستخدام والرضا، وتعريف الجمهور بالخدمات.
هذا، وتبرز نتائج النسخة الثالثة تحسنًا ملحوظًا في أداء الدول العربية في المؤشر مقارنة بالعام السابق. فقد حقّقت 11 دولة عربية من أصل 13 شاركت في قياس المؤشر نتائج أعلى من العام السابق في بُعد توفّر الخدمة وتطوّرها، ما يدلّ على زيادة الاهتمام بالتحوّل الرقمي عربيًا.
هذا التطور الرقمي يطال مختلف مجالات العمل الحكومي، حيث يشير التقرير إلى ارتفاع استخدام الخدمات الإلكترونية التي تقدّمها الحكومات في مجالات عديدة، وبخاصة في قطاع الصحة الذي حلّ في المرتبة الأولى، فيما لا تزال قطاعات أخرى بحاجة إلى رقمنة المزيد من خدماتها، ومنها العدل والسياحة والقطاع المالي.
إلاّ أنه في ما يتعلق بالجهود الحكومية المبذولة للتعريف بالخدمات، يبيّن التقرير أن هناك تفاوتًا كبيرًا بين الدول العربية، ما يعكس الحاجة إلى التعريف بشكل أوسع بالخدمات التي يتم إطلاقها، لا سيّما في الدول التي حصلت على نتائج أدنى من المتوسط الإقليمي.
في هذا السياق، أكّد محمّد نوّار العوّا، المشرف على إعداد المؤشر في الإسكوا، على أنّ الثورة الصناعية الرابعة تفرض تطورًا عميقًا يؤثّر على كافة جوانب الحياة، وأنه لم يعد بالإمكان تقديم الخدمات الحكومية بشكل ورقيّ، فالحاجة باتت ملحة إلى توفير خدمات بأدوات تواكب متطلبات العصر. وأضاف أنّ بعض الدول العربية باتت رائدة في التحول الرقمي عالميًا، في حين لا يزال البعض الآخر في مرحلة مبكّرة من التطبيق.
ويختم التقرير بالتشديد على ضرورة التعاون الإقليمي لدعم الدول العربية، التي لا تزال في المراحل الأولى من التحوّل الرقمي. ويبرز أيضًا أهمية نفاذ الأشخاص ذوي الإعاقة إلى الخدمات الإلكترونية المقدّمة، كتحدٍ ينبغي تركيز المزيد من الجهود عليه، وأهمية إتاحة وسائل لجمع آراء المستخدمين للخدمات سواء عبر البوابات الإلكترونية أو التطبيقات النقّالة.