لا تعد مجرة درب التبانة نشطة للغاية، فيما يتعلق بالمجرات. وفي كل عام، ينتج ما يقرب من ثلاث إلى أربع نجوم من النجوم الجديدة في كامل جسمه الحلزوني.
لكن، هناك بعض المجرات الأكثر هدوءا – المجرات الإهليلجية، والتي توقف معظم تشكل النجوم فيها منذ فترة طويلة. وفي هذه المجرات، لا يمكن العثور على أي نجوم أو عدد قليل جدا منها أصغر من عمر معين، ما يشير إلى أنه في مرحلة ما توقف معظم تشكل النجوم بشكل مفاجئ، تاركا المجرة تغمز ببطء على مر العصور، نجمة تلو الأخرى.
وتظل الطريقة الدقيقة التي يتم بها إيقاف تكوين النجوم في هذه المجرات الناعمة شبه العديمة الملامح، أمر غامض، لكن علماء الفلك يعتقدون أن له علاقة بالثقوب السوداء الهائلة الموجودة في مركز كل مجرة. والآن، بحث فريق دولي من علماء الفلك بقيادة كيي تو، من الجامعة العليا للدراسات المتقدمة، SOKENDAI في اليابان، في الكون المبكر لمعرفة ما إذا كان هذا هو الحال.
وباستخدام بعض أقوى التلسكوبات في العالم، قاموا بجمع البيانات بأطوال موجية متعددة من الضوء لتحديد المجرات التي سافر ضوؤها من 9.5 مليار إلى 12.5 مليار سنة عبر خليج الزمكان – المجرات القديمة مثل تلك المجرات الإهليلجية الأقرب إلينا في الفضاء والوقت، الذي كان تكوين النجوم بالنسبة له على وشك الانهيار.
وكانت الخطوة الأولى هي استخدام البيانات الضوئية والأشعة تحت الحمراء لتحديد المجرات التي يستمر فيها تكوين النجوم، وتلك التي توقف فيها تشكل النجوم.
وكانت الخطوة التالية هي استخدام بيانات الأشعة السينية والراديو لتحديد نشاط الثقب الأسود الهائل. وهذه هي الآلية التي يعتقد علماء الفلك من خلالها أنه يمكن إخماد تشكل النجوم. وعندما ينشط ثقب أسود فائق الكتلة، فإنه يلتهم كميات هائلة من المادة من الفضاء المحيط به. وهذه العملية فوضوية وعنيفة وتنتج ما يعرف بشكل جماعي باسم “التغذية المرتدة”.
ونعلم جميعا أنه لا يوجد شيء يمكن أن يظهر من وراء أفق الحدث للثقب الأسود، لكن الفضاء المحيط به أمر مختلف. وتدور المواد حول الثقب الأسود، مثل المياه التي تدور حول المصرف؛ تولد الجاذبية والاحتكاك إشعاعات شديدة تشتعل عبر الكون.
ويأخذ شكل آخر من أشكال التغذية الراجعة شكل نفاثات تنطلق من المناطق القطبية للثقب الأسود. ويُعتقد أن المواد الموجودة خارج أفق الحدث تتسارع على طول المجال المغناطيسي الخارجي للثقب الأسود، ليتم إطلاقها من القطبين على شكل نفاثات بلازما قوية ومركزة تنتقل بنسبة كبيرة من سرعة الضوء.
وأخيرا، تولد الثقوب السوداء النشطة الهائلة رياحا شديدة تجتاح مجراتها. ويُعتقد أن جميع أشكال التغذية المرتدة الثلاثة – الإشعاع والنفاثات والرياح – تعمل على تسخين ودفع الغاز الجزيئي البارد المطلوب لتكوين النجوم الصغيرة.
وعبر هذه المسافات الشاسعة، يصعب رؤية المجرات؛ إنها صغيرة جدا وخافتة جدا من وجهة نظرنا هنا والآن. لذلك كان على الباحثين “تكديس” المجرات معا من أجل التأكيد على ضوء الراديو والأشعة السينية اللذين يمثلان علامات منبهة لثقب أسود فائق الكتلة نشط كل تلك المليارات من السنين.
ووجد الفريق أن الأشعة السينية “الزائدة” وإشارة الراديو أقوى من أن تفسرها النجوم وحدها في المجرات مع القليل من تكوين النجوم أو انعدامها. وأفضل تفسير لهذه الإشارة هو وجود ثقب أسود فائق الكتلة نشط. وعلاوة على ذلك، لم تكن الإشارة واضحة في المجرات ذات التشكل النجمي المستمر.
وخلص الباحثون إلى أن هذا يشير إلى أنه من المعقول جدا أن يلعب الثقب الأسود الهائل النشط دورا في الموت المفاجئ لهذه المجرات الشبحية الغامضة.
وقالوا إن الأبحاث المستقبلية قد تساعد في إلقاء الضوء على الفيزياء التفصيلية لهذه العملية الغامضة.
ونُشر البحث في مجلة Astrophysical.
المصدر: ساينس ألرت