تستمر أزمة الدواء في لبنان الناتجة عن الارتفاع الحاصل في سعر صرف الدولار في السوق الموازية وعن مجموعة من الأسباب الأخرى المتداخلة والمتعددة.
وفي هذا الاطار، وتحديدا حول النقص الحاصل في أدوية “المورفين” قال رئيس نقابة مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات في لبنان كريم جبارة: “من المتوقع أن تصل شحنة لأدوية المورفين بعد ثلاثة أو أربعة أسابيع من تاريخه، وستكون هذه الشحنة مكوّنة تحديدًا من حبوب المورفين وليس الجرعات الّتي تُعطى للمرضى في المستشفيات. وهي ستكون كافية لتغطية حاجات المرضى لمدّة ثلاثة أشهر تقريبًا”.
وخلال حديث اعلامي نبّه جبارة من” تدخّل بعض الأفراد لشراء هذه الأدوية وبيعها في السّوق الموازية والاتجار بها، متأسّفًا لوجود حالات كهذه ومشدّدًا على الضرورة القصوى لمراقبة هذه الشحنة الّتي ينتظرها المرضى اللبنانيون بفارغ الصبر، والحرص على ألّا يتمّ الاتجار بها.
المراقبة عبر المكننة
وقال جبارة أنّ المحافظة على هذه الأدوية ومراقبتها تتطلب نظام مكننة شامل الذي بدأت بالتحضير له وزارة الصحّة العامّة. وإلى حين تطبيق هذه المكننة الشاملة، تقع مسؤولية مراقبة الأدوية على عاتق جميع المعنيين على المستوردين الحرص على بيع الأدوية للصيادلة المرخّصين بكميات منطقية تتماشى مع حجم الصيدلية، وعلى الصيادلة من جهّتهم الحرص على عدم بيع الأدوية للمرضى إلّا بعد التّأكد من أنّهم مرضى حقيقيين بحاجة فعلية إلى الدواء المطلوب. وتابع أنّ المشكلة هي، وللأسف، أنّ العديد من الأفراد يقومون بتقديم وصفات طبية مزوّرة لشراء الأدوية وبيعها في السّوق السوداء.
توقف الدعم بالكامل؟
أمّا فيما يتعلّق بإمكانية الوقف الكامل لدعم الأدوية، فأوضح جبارة أنّ وزير الصحّة العامّة د. فراس الأبيض تمكّن منذ شهرين من الحصول على ميزانية عبر أذونات السحب الخاصّة بغية تأمين الدعم لمدّة أربعة أشهر، وذلك بتخصيص مبلغ ٢٥ مليون دولار أمريكي لدعم الدواء شهريًا. كما وتمكّن د. الأبيض من الحصول على ميزانية لتأمين الدعم لثلاثة أشهر إضافية، عبر تخصيص مبلغ ٣٠ مليون دولار أمريكي شهريًا لها. وبالتّالي، شرح جبارة أنّه قد تمّ فعليًا تأمين الدعم لسبعة أشهر مقبلة. وكشف أنّه قد تمّ استلام أوّل شحنة دواء الشهر الماضي، كما وسيتمّ استلام الشحنة الثانية خلال هذا الشهر، إضافةً إلى التحضير حاليًا لاستلام الشحنة الثالثة خلال الشهر المقبل. وطلب من المسؤولين العمل على إيجاد حلّ خلال هذه الأشهر الأربعة القادمين، لمتابعة تأمين الأدوية للمرضى اللبنانيين بعد مرور الأشهر السبعة.
وفي الإطار نفسه وبالنسبة للدواء المدعوم، أردف جبارة أنّ المشكلة الفعلية هي تواجد الدواء، حيث أنّ الكميات الّتي تصل إلى لبنان غير كافية. وقد حسّنت وزارة الصحّة العامّة الوضع عبر رفع الميزانية من ٢٥ مليون دولار أمريكي بالشهر حاليًا إلى مبلغ قيمته ٣٠ مليون دولار أمريكي يمكّن لبنان من استيراد كمّيات أكبر من الأدوية. إلّا أنّ المواطنين لن يلمسوا هذا التغيير إلّا بعد شهرين أو ثلاث. أمّا المشكلة الثانية، فهي عمليات الاتجار بالدواء المدعوم الّتي لا يمكن معالجتها إلّا عبر نظام المكننة الكامل كما ذُكر آنفًا. وحيال هذا الموضوع، كشف جبارة أنّ وزارة الصحّة العامّة تعمل على مشروع معيّن حيث ستقوم بتجربةٍ تشمل تسعة أدوية، للانتقال بعدها إلى الأدوية الباقية إذا ما نجح المشروع.
الدواء غير المدعوم
فيما يتعلّق بالأدوية غير المدعومة، شرح جبارة أنّ هذه الأدوية متواجدة بالإجمال كونها غير مرتبطة بآلية الدعم. إلّا أنّ المشكلة هي سعرها المرتفع، حيث أنّ عددًا كبيرًا من المواطنين، وبالأخصّ موظفي القطاع العام الذين ما زال مدخولهم يُحتسب على سعر صرف ١،٥٠٠ ليرة لبنانية، غير قادرين على شرائها. وعليه، أوصى جبارة كلّ مواطن غير قادر على تحمّل كلفة الدواء المرتفعة، المبادرة إلى الطلب من طبيبه المختصّ أو من الصيدلي إعطائه دواءً بديلًا يتناسب سعره مع قدرته الشرائية.
أدوية السرطان والأمراض المستعصية
ذكر جبارة أخيرًا أنّ أدوية السرطان وتلك المتعلقة بالأمراض المستعصية تشكّل حوالي ٨٠٪ من الأدوية المدعومة. والمشكلة هنا أيضًا هي أنّ كمية الأدوية الّتي تصل إلى لبنان هي أقل من حاجة السّوق. كما أنّه ليس هنالك من ضمانة أن تصل هذه الأدوية إلى المريض بسبب تواجد بعض الأطراف الّتي تنشط في مجال بيع هذا الدواء في السّوق السوداء. وختم جبارة أنّ الحلّ يكمن في زيادة الميزانية المخصّصة لتأمين الدواء، إضافةً إلى تحقيق المكننة الكاملة لتتبّع الدواء.