يعاني العالم من أزمة تغيُّر المناخ وما يتبعها من كوارث طبيعية تؤثر على استقرار المجتمعات والأمن الغذائي لها.

ولكن هناك تأثيرات أخرى يسببها التغيُّر المناخي، إذ إن آلاف اللغات المهددة بالانقراض يعيش ناطقوها في المناطق المهددة بكوارث ارتفاع سطح البحر والأعاصير، ما جعل خبراء يرجحون انقراض نصف لغات العالم خلال القرن الحالي.

في هذا السياق، تقول أنستازيا ريل، من جامعة كوينزلاند الكندية، لصحيفة “الغارديان” البريطانية، إن الأعاصير وارتفاع سطح البحر يهددان مجتمعات الجزر المتفردين بلغات نادرة، بينما تهدد موجات الحرارة المجتمعات الثقافية العاملة بالصيد والزراعة، والتي تقوم بالهجرة جراء الأزمة.

وضربت ريل مثالاً بجزيرة فانواتو، صاحبة أكبر كثافة لغوية بالعالم، إذ تضم 112 لغة عبر نحو 12 ألف كيلومتر مربع، وهي الجزيرة المهددة بالغرق في مياه المحيط

يُذكر أن خُمس لغات العالم تتركز لدى سكان جزر وسواحل المحيط الهادئ في دول كالهند وإندونيسيا والفيليبين، وجميعها مهددة بالأعاصير وارتفاع مياه البحر.

وسببت الكوارث المرتبطة بتغيُّر المناخ في عام 2021 وفق آخر الإحصائيات، هجرة قرابة الـ22 مليون نسمة عن أراضيهم تجنباً للكوارث. في حين ، يضم العالم حتى الآن نحو 7000 لغة، منها قرابة 550 لغة مهددة بالانقراض.

بناءً على ما ذكر، تسعى المنظمات المعنية جاهدة للحفاظ على اللغات الأصليّة. في هذا الاطار، أطلقت الأمم المتحدة العقد الدولي للغات الشعوب الأصلية، لمساعدة هذه اللغات على البقاء وحمايتها من الانقراض.

كذلك دأبت المنظمة الدولية منذ فترة طويلة على مناصرة الشعوب الأصلية، التي تعد وريثة وممارِسة ثقافات فريدة وكيفية الاتصال بالناس والبيئة والتماهي معهم.

في هذا المجال، يؤكد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، تشابا كوروشي إن الحفاظ على لغات الشعوب الأصلية ليس مهما لهذه الشعوب وحدها، بل للبشرية جمعاء. وأضاف: “مع انقراض كل لغة أصلية، تنقرض معها الفكرة أيضا: الثقافة والتقاليد والمعرفة التي تحملها. هذا مهم لأننا في حاجة ماسة إلى تحول جذري في الطريقة التي نتصل بها مع بيئتنا”.

وتجدر الاشارة، الى أنّه تشكل الشعوب الأصلية أقل من ستة في المائة من سكان العالم، لكنها تتحدث أكثر من 4000 لغة من جملة حوالي 6700 لغة في العالم، وفقا لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة.

فيما تشير التقديرات المتحفظة إلى أن أكثر من نصف جميع اللغات، ستنقرض بحلول نهاية هذا القرن.

في هذا السياق، أكد السيد كوروشي من مونتريال- حيث عقد مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي- على قناعته بأنه “إذا أردنا حماية الطبيعة بنجاح، يجب أن نستمع إلى الشعوب الأصلية، ويجب أن نفعل ذلك بلغاتها”.

وقال إن الشعوب الأصلية هي الوصية على ما يقرب من 80 في المائة، من التنوع البيولوجي المتبقي في العالم، مستشهدا ببيانات من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو).

كذلك أشار إلى أن “لغة أصلية واحدة تموت كل أسبوعين. هذا يجب أن يدق ناقوس الخطر بالنسبة لنا.”

وأخيراً، حث رئيس الجمعية العامة البلدان على العمل، مع مجتمعات السكان الأصليين لحماية حقوقهم، مثل الوصول إلى التعليم والموارد بلغاتهم الأصلية، وضمان عدم استغلالهم ومعارفهم. وأضاف: “وربما الأهم من ذلك، التشاور بشكل هادف مع الشعوب الأصلية، والمشاركة معها في كل مرحلة من مراحل عمليات صنع القرار

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This