قبل أسبوع اجتمع معظم الحكومة مع جميع الإدارات الرسمية وممثلي المجتمع المدني في السراي الكبيرة، ليعلن رئيس الحكومة عن الاستراتيجية البيئية المستدامة، وهو أمر جيد في حال صدقت الوعود والنيات وتعقلنت الطروحات.
ملاحظات متعددة تلقيناها حول مقاربة الموقع لهذا الاعلان ولمضمونه ولمدى صدقيته، ومطابقته للمواصفات بلغة الحكومة نفسها.
اليوم يمكن إيراد مسألتين للدلالة على صدق التوجه وحال الانفصام بين المطروح والمطبق، وبين القانون نفسه والالتزام بالإجراءات التطبيقية للحكومة عينها، ما يدل، أقله، على الاستهتار الكامل بالقانون وبالبيئة على حد سواء:
معمل الترابة، الذي قامت الدنيا ولم تقعد بسبب قرار تشييده في زحلة، واختلط السياسي بالبيئي بالقانوني فيه، يجري اليوم نقله الى منطقة اخرى على عين الحكومة نفسها، والمحافظة والبلديات ووزارة الصناعة نفسها… وتعود الحكاية الي أولها من دون ان يكون للخطة الوطنية، ولا لمرسوم ترتيب الاراضي ولا لوزارة البيئة ولدراسات الأثر البيئي، أي دور في كل ما يجري، وكأننا نتكلم عن بلد آخر ودولة أخرى. ولا يربط أي من المعنيين هذا الأمر بمصداقية ما قيل وطرح، حتى لا نتحدث عن تطبيق القوانين.
حرش بيروت: أي بلد يفتقد للمساحة الخضراء بقدر لبنان يتحدث عن التشجير، وعن حق الانسان ببيئة نظيفة، يقدم أولاً، وتحت جنح الظلام، على محاولة قتل آخر بقعة خضراء فيه بحجج شتى، منها انشاء ملعب بلدي، كأنما مساحات المناطق المردومة وسط العاصمة لا تتسع لذلك، مثلاً.
تقدم مجموعة مجهولة – معلومة على إطلاق عدد من الكلاب المسعورة في قلب الحرش، ويتخذ المعنيون قراراً فورياً بمنع قتلها أو تخديرها أو التعاطي معها حتى، فتصطاد الكلاب امرأة أولاً ثم بعد أيام شاباً، لا يزالان في المستشفى، فيُتخذ قرار بإقفال الحرش ومنع الناس من الدخول، كأنما لا حل لهذه المعضلة الا بالإقفال وقطع الأشجار، وربما بيع الحرش، لأن القطاع الخاص عندها سيحوله الى جنة مباني وعقارات، ونرتاح من الكلاب.. والمتنزهين معاً.
فضيحة كبرى، وبخاصة أنها على بعد مسافة زمنية ومسافة مكانية من السراي الحكومي، حيث أعلن رئيس الحكومة عن قيام الخطة – الاستراتيجية البيئية الشهيرة.