كثيرة هي الملفّات الموجودة بحوزة القضاء عن الفساد المستشري في بنية المواد الغذائية والبضاعة الإستهلاكية الموضوعة بتصرّف المواطن والمطروحة في الأسواق اللبنانية، بدءاً من اللحوم بشقّيها الأحمر والأبيض، ومروراً بالمياه المعبّأة للشرب، والحبوب بأنواعها المختلفة، من دون إغفال التلاعب بالأدوية ومساحيق التجميل وتواريخها، والغشّ في المحروقات ومكاييلها وعياراتها، وذلك نتيجة التساهل في الرقابة من الوزارات المعنية، والتسامح في فرض محاضر الضبط، وانعدام حسّ المسؤولية، وتلاشي الضمير، وكثافة معدّلات الجشع لدى شريحة كبيرة من القصّابين، والتجّار، وأصحاب المطاعم والمقاهي والأفران والدكاكين، والشركات، والمؤسّسات. تحريك الملفّات وليس صحيحاً على الإطلاق، أنّ صحوة بعض الوزارات اللبنانية لمكافحة شتّى أصناف التلوّث الغذائي في نهاية العام 2014، هي التي حرّكت الملفّات لدى القضاء، أو سرّعت في بتّها وفصلها، ذلك أنّ رفوف المحاكم، وخزائن القضاة المنفردين، تزخر على الدوام، بالكثير من الدعاوى، ومحاضر الضبط المتعلّقة بما يسيء إلى لقمة عيش المواطن وصحّته، بعدما أحيلت إليهم من مصلحة حماية المستهلك المعنية الأولى بهذا الأمر الحيوي في مسار حياة الإنسان وسلامته، وسلكت طريقها القانوني السليم وبالشكل المعتاد، وتوجّت بالحكم المناسب وفق تقديرات القضاة الناظرين فيها ومدى ملاءمة المواد القانونية للجنح والمخالفات الواردة في متنها. فرق التفتيش فالقضاء ليس ضابطة عدلية لكي يقوم بنفسه، بدهم المستودعات والمخازن والمتاجر، وتفتيشها وضبط المواد المنتهية الصلاحية الموجودة فيها، وهذا ليس عمله في الأساس، وإنّما هو واجب مصالح الرقابة في وزارات الصحّة العامة، والاقتصاد والتجارة، والسياحة، والزراعة، والصناعة، كلّ واحدة منها ضمن نطاق مهامها، حيث تقوم فرقها بعمليات الدهم منفردةً، وأحياناً تؤازرها القوى الأمنية الرسمية، وذلك من أجل الحؤول دون التعدّي على أفرادها، أو لترهيب أصحاب العلاقة والبضاعة في حال حاولوا منعهم من القيام بعملهم وأداء وظيفتهم على أكمل وجه، وإذا ما اضطرّوا إلى ختم المكان بالشمع الأحمر إستوجب الأمر إشارة النيابة العامة المختصة ضمن نطاقها الجغرافي، ثمّ تحال محاضر الضبط على القضاء للبتّ فيها وتحديد العقوبة اللازمة بالاستناد إلى قانون حماية المستهلك رقم 659 الصادر في 4 شباط 2005، والتعديلات التي طرأت على بعض مواده بموجب القانون رقم 265 تاريخ 15 نيسان 2014، مع الإشارة إلى أنّ القانون 659 ألغى المرسوم الاشتراعي رقم 54 الصادر في 29 تموز 1983. أحكام مختلفة وهذا ما فعله على سبيل المثال لا الحصر، القاضي فوزي خميس يوم كان قاضياً منفرداً جزائياً في بيروت، إذ أصدر جملة أحكام في فترات زمنية متعدّدة من تولّيه هذا المركز في العام 2006، مرتبطة بمخالفات مختلفة تتناول السلامة الغذائية بالدرجة الأولى، ولا تتوافق مع المعايير والمواصفات المعتمدة، واللافت للنظر أنّ هذه الأحكام اقتصرت على الغرامة المالية فقط بعد منح المدعى عليه الأسباب التخفيفية، مع أنّ القانون ينصّ على الحبس أيضاً، وعلى غرامات مالية باهظة جدّاً في حالات محدّدة، ويمكن للقاضي الاكتفاء بعقوبة واحدة أيّ الحبس أو الغرامة، أو الحكم بالاثنين معاً، كما أنّ قانون العقوبات اللبناني أجاز للقاضي الناظر في الملفّ إعطاء المدعى عليه الأسباب التخفيفية، وبالتالي تخفيض العقوبة وإبدال الغرامة من الحبس عملاً بالمادة 254 عقوبات. وهنا نماذج من المحاضر التي تحال على القضاة، ونوعية البضاعة المشكو منها، والأحكام والعقوبات الصادرة فيها: حلاوة بطعم المشتقّات النفطية

  • أقدم ن.ب. في بيروت وبتاريخ لم يمرّ عليه الزمن، على بيع حلاوة شوشية غير مطابقة للمواصفات المطلوبة وذات طعم ورائحة قويّة شبيهة برائحة المشتقّات النفطية، ممّا أدّى إلى إصابة الطفل ع.ص. بوعكة صحيّة إستوجبت نقله إلى المستشفى للعلاج لمدّة أربعة أيّام، وهذا يستجمع عناصر التجريم بمقتضى المادة 109 من قانون حماية المستهلك رقم 659/2005، ولذلك حكم عليه بغرامة مالية قيمتها خمسة ملايين ليرة بعد منحه الأسباب التخفيفية سنداً للمادة 254 من قانون العقوبات.

مياه غير مطابقة

  • أقدم ع.ي. في بيروت وبتاريخ لم يمرّ عليه الزمن، على بيع مياه للشرب غير مطابقة للمواصفات اللبنانية، إذ تبيّن بعد الفحوصات المخبرية أنّ نسبة مركّز الهيدروجين قد بلغ 6.21 أيّ أقلّ من الحدّ الأدنى المسموح به البالغ 6.50، وهذا يستجمع عناصر التجريم بمقتضى المادة 109 من قانون حماية المستهلك رقم 659/2005، ولذلك حكم عليه بغرامة مالية قيمتها مليونا ليرة بعد منحه الأسباب التخفيفية سنداً للمادة 254 عقوبات.

كما أقدم خ.ش. في بيروت وبتاريخ لم يمرّ عليه الزمن، على بيع مياه شرب غير مطابقة للمواصفات اللبنانية كون نسبة مركّز الهيدروجين أقلّ من الحدّ الأدنى المسموح به. وهذا يستجمع عناصر التجريم بمقتضى المادة 109 من قانون حماية المستهلك رقم 659/2005، ولذلك حكم عليه بمبلغ ثلاثة ملايين ليرة بعد منحه الأسباب التخفيفية سنداً للمادة 254 عقوبات. مياه ملوّثة جرثومياً

  • أقدم ه.ك. في بيروت وبتاريخ لم يمرّ عليه الزمن، على بيع مياه للشرب تبيّن أنّها ملوثة جرثومياً بعد إجراء فحوصات مخبرية في مختبر الجامعة الأميركية في بيروت، وهذا يستجمع عناصر التجريم بمقتضى المادة 109 من قانون حماية المستهلك رقم 659/2005، ولذلك حكم عليه بغرامة مالية قيمتها ثلاثة ملايين ليرة بعد منحه الأسباب التخفيفية سنداً للمادة 254 عقوبات.

خميرة منتهية الصلاحية

  • أقدم م.ر. وز.خ. في بيروت وبتاريخ لم يمرّ عليه الزمن، على استعمال خميرة منتهية الصلاحية داخل مطعم يملكه الأوّل ويديره الثاني، وهذا يستجمع عناصر التجريم بمقتضى المادة 109 من قانون حماية المستهلك رقم 659/2005، ولذلك حكم على الثاني بغرامة مالية قيمتها مليون ليرة بعد منحه الأسباب التخفيفية سنداً للمادة 254 عقوبات، وأسقطت دعوى الحقّ العام عن الأوّل بسبب الوفاة.

بضاعة بدلالات كاذبة

  • أقدم م.س. وط.ق. في بيروت وبتاريخ لم يمرّ عليه الزمن، على عرض وبيع أقلام تجميل في مؤسّسة كلّ منهما ماركة “دالي” تحمل دلالات كاذبة للمنشأ وضبط 160 قلماً من مؤسّسة الأوّل و19 قلماً من مؤسّسة الثاني، وهذا يستجمع عناصر التجريم بمقتضى المادة 109 من قانون حماية المستهلك رقم 659/2005 ولذلك حكم على كلّ واحد منهما بمبلغ خمسماية ألف ليرة بعد منحهما الأسباب التخفيفية سنداً للمادة 254 عقوبات.

مصنوعات سكرية بدون تاريخ إنتاج

  • أقدم س.د. في بيروت وبتاريخ لم يمرّ عليه الزمن، على استيراد كميّة من المصنوعات السكّرية من الأرجنتين تبيّن أنّها تحمل تاريخ انتهاء الصلاحية، ولكنّها لا تحمل تاريخ الانتاج، وقد طلبت منه مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتجارة إعادة تصدير البضاعة كونها مخالفة للقوانين المرعية في لبنان، ولكنّه كان قد تصرّف بها وباعها في الأسواق اللبنانية، مع العلم أنّ البضاعة المذكورة إستوردت من المدعى عليه بصفته مفوّضاً بالتوقيع عن شركة(…)، وهذا يستجمع عناصر التجريم بمقتضى المادة 109 من قانون حماية المستهلك رقم 659/2005 ولذلك حكم عليه بمبلغ ثلاثة ملايين ليرة بعد منحه الأسباب التخفيفية سنداً للمادة 254 عقوبات.

علب حلويات ناقصة الوزن

  • أقدمت شركة(…) ممثّلة بالمفوّض بالتوقيع عنها في بيروت وبتاريخ لم يمرّ عليه الزمن، على بيع علب حلويات ناقصة الوزن بنسبة تتراوح بين 80 و100 غرام في كلّ علبة في سوبر ماركت(…) في محلّة الجناح ، وتبيّن أنّ المدعى عليه أ.ج. هو مجرّد موظّف في الشركة المدعى عليها في الفرع المذكور ويستلم العلب كما تأتي من المركز الرئيسي في طرابلس، ولم يتبيّن أنّه مسؤول عن النقص، وهذا يستجمع عناصر التجريم بمقتضى المادة 113 من قانون حماية المستهلك رقم 659/2005، ولذلك حكم على الشركة بمبلغ ثلاثة ملايين ليرة بعد منحها الأسباب التخفيفية سنداً للمادة 254 عقوبات، وكفّت التعقّبات بحقّ المدعى عليه لعدم توافر العناصر الجرمية بحقّه.

بنزين غير مطابق

  • أقدم ك.س. في بيروت وبتاريخ لم يمرّ عليه الزمن، على بيع بنزين في محطّته للمحروقات في محلّة الأشرفية غير مطابق للمواصفات اللبنانية كونه يحتوي على نسبة 10.5% مواد نفطية أخرى، وهذا يستجمع عناصر التجريم بمقتضى المادة 108 من قانون حماية المستهلك رقم 659/2005 ولذلك حكم عليه بمبلغ مليون ليرة بعد منحه الأسباب التخفيفية سنداً للمادة 254 عقوبات.

غالون مياه بدون تاريخ انتهاء الصلاحية

  • أقدم م.ع. في بيروت وبتاريخ لم يمرّ عليه الزمن، على بيع غالون مياه غير مطابق للمواصفات القياسية كونه لا يحمل تاريخ انتهاء الصلاحية، وهذا يستجمع عناصر التجريم بمقتضى المادة 109 من قانون حماية المستهلك رقم 659/2005 ولذلك حكم عليه بمبلغ مليون ليرة بعد منحه الأسباب التخفيفية سنداً للمادة 254 عقوبات.

تغيير منشأ حقن طبيّة أقدمت المؤسّسة(…) الممثّلة بالمفوّضة بالتوقيع عنها، في بيروت وبتاريخ لم يمرّ عليه الزمن، على بيع حقن طبّية تحمل دلالات أنّ منشأها بريطاني، في حين تبيّن لمنظّمي المحضر أنّها مصنوعة في كوريا، وتبيّن أنّ الشركة المدعى عليها عادت وصحّحت الالتباس، وكتبت صراحة على الحقن أنّها صناعة كورية، وهذا يستجمع عناصر التجريم بمقتضى المادة 109 من قانون حماية المستهلك رقم 659/2005 ولذلك حكم عليها بمبلغ مليوني ليرة بعد منحها الأسباب التخفيفية سنداً للمادة 254 عقوبات.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This