د. أكرم الخوري |
إن مفاهيم خدمات النظم الايكولوجية ورأس المال الطبيعي تساعدنا على التعرف على الكثير من المنافع التي توفرها الطبيعة. من وجهة نظر اقتصادية فإن تدفق خدمات النظم الايكولوجية يمكن أن ترى على أنها الأرباح التي يتلقاها المجتمع من رأس المال الطبيعي . إن المحافظة على المخزون من رأس المال الطبيعي يتيح التموين المستدام للتدفق المستقبلي لخدمات النظم الايكولوجية وبالتالي يساعد على ضمان بقاء ورفاهية الإنسان .
يحظى القليل من الخدمات التي تقدمها النظم الايكولوجية بأسعار واضحة أو يتم التداول بها في سوق مفتوحة، وخدمات النظم الايكولوجية التي من المرجح بشكل أكبر أن يتم تسعيرها في الأسواق هي الخدمات التموينية الاستهلاكية ذات قيم الاستخدام المباشر مثل المحاصيل والماشية أو الأسماك أو المياه التي يستهلكها الإنسان مباشرة . أما قيم الاستخدام غير الاستهلاكي مثل الترفيه، أو قيم عدم الاستخدام التي قد تشمل الأهمية الروحية والثقافية للمناظر الطبيعية أو الأنواع، فكثيرا ما كانت مؤثرة في صنع القرار، غير أن هذه المنافع نادرا ما يتم تقييمها من الناحية النقدية .
وسنحاول أن نورد عدد من الأمثلة عن أهمية مكونات النظم الايكولوجية المتنوعة من خلال ما يلي :
– إن خفض معدل إزالة الغابات إلى النصف بحلول عام 2030 سيؤدي إلى تخفيض انبعاث غازات الدفيئة العالمية بمعدل 5,1 – 7,2 طن بريطاني من غاز ثاني أكسيد الكربون ، وبالتالي يتم تجنب الضرر الناجم عن تغير المناخ المقدر بأكثر من 7,3 تريليون دولار أمريكي من ناحية صافي القيمة الحالية NVP.
– لقد قادت المنافسة بين أساطيل ومصائد الأسماك الصناعية المدعومة والمصحوبة بسوء التنظيم وضعف تطبيق القوانين القائمة، إلى الاستغلال المفرط لمعظم مخزون الأسماك التجاري الَقَيم. ما أدى إلى خفض الدخل من مصائد الأسماك البحرية والعالمية بمقدار 50 مليار دولار أميركيي سنويا بالمقارنة مع سيناريو صيد أكثر استدامة وذلك حسب تقارير البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة 2009 .
– مع أن الشعب المرجانية تغطي مجرد 2,1 % من الأرفف القارية إلا أنها تعد موطنا لما يقدر ب 1-3 مليون نوع، منها أكثر من ربع أنواع الأسماك البحرية، ويعتمد نحو 30 مليون شخص من المجتمعات الساحلية والجزر كليا على الموارد القائمة على الشعاب كوسيلة رئيسية لهم في إنتاج الغذاء والدخل وسبل المعيشة .
– المنتجات والخدمات الخضراء تمثل فرصة لسوق جديدة : شهدت المبيعات العالمية للأطعمة والمشروبات العضوية ارتفاعاً بمقدار 5 مليارات دولار أمريكي في السنة، ونمت السوق العالمية لمنتجات الأسماك المصنفة بيئياً بأكثر من 50% بين عاميي 2008-2009 .
– تعد السياحة البيئية المجال الأسرع نمواً في الصناعة السياحية مع زيادة الإنفاق العالمي والتي تقدر 20% سنوياً .
– ضمنت مستعمرة نحل واحدة إنتاجاً زراعيا سنويا بقيمة 1050 دولار أمريكي من حيث الفاكهة والحبوب الملقحة في 2002 مقارنة مع مجرد 215 دولار عن المنتجات المباشرة من تربية النحل مثل (العسل وشمع العسل . وفي المتوسط ضمنت مستعمرات النحل السويسرية إنتاجاً زراعيا سنويا بقيمة 213 مليون دولار تقريباً نتيجة لتوفير اللقاح بقيمة تعادل خمسة أضعاف إنتاج العسل ( حالة ال TEEB حيث أن تقييم اللقاح يحفز الدعم لمربي النحل في سويسرا) وتقدر القيمة الاقتصادية الكاملة للقاح الحشرات حول العالم بمبلغ 153 مليار يورو وهو المبلغ الذي يمثل 5,9 % من الناتج الزراعي العالمي.
– زرعت السلطات المحلية في أستراليا (كانبيرا) 400 ألف شجرة لتنظيم مناخ المناطق الصغيرة ولخفض التلوث وبالتالي لتحسين نوعية الهواء الحضري وخفض تكاليف الطاقة للتكييف الهوائي، وكذلك لتخزين وعزل الكربون وقد تراوحت هذه المنافع بنحو 20-67 مليون دولار أمريكي على امتداد الفترة 2008-2012 فيما يتعلق بالقيمة التي تدرها أو التوفير المحقق العائد للمدينة.
النتيجة :
إن تطبيق الفكر الاقتصادي على استخدام التنوع الحيوي وخدمات النظم الايكولوجية يساعد في توضيح نقطتين حرجتين وهما:
1- سبب اعتماد الرخاء وخفض الفقر على المحافظة على المنافع المستمدة من النظم الايكولوجية .
2- سبب احتياج الحماية البيئية الناجحة إلى اقتصاديات سليمة بما في ذلك الإقرار الصريح والتخصيص الفعال والتوزيع العادل لتكاليف ومنافع حفظ الموارد والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية.
