أنور عقل ضو |

إذا ما تتبعنا مسار التحضيرات لمؤتمر باريس المعني بتغيّر المناخ والمزمع عقده برعاية الأمم المتحدة، بين 30 تشرين الأول (أكتوبر) و11 كانون الأول (ديسمبر) 2015، نجد أن أقصى ما أفضت إليه النقاشات التحضيرية والتوصيات المقترحةلا سيما تلك الصادرة عن مؤتمر بون الأخيرلم يتخطَّ الـتعهدات الفضاضةبالحد من زيادة الانبعاثات، السبب الرئيسي لظاهرة الاحترار.

لا نعلِّق آمالاً كبيرة على المؤتمر المقبل، فالمؤشرات حتى الآن لا تشي بكثير من التفاؤل رغم التصريحات الصاخبة واندفاع من هم في موقع القرار في اتجاه تبني الخطوط الأولى لمشروع دولي ملزم بخفض الانبعاثات، وهو عبارة عن أفكار ومقترحات ستكون موضع نزاع في المؤتمر الباريسي، هناك فقط يظهر الوجه الآخر والحقيقي لرؤساء دول الاقتصادات الكبرى والناشئة، ولن ترتفع إلا أصوات ممثليالدول الجزريةالمهددة بالغرق، أو تلك التي لا تملك ما يمكنها من مواجهة الدول الصناعية التي تحرك سياساتهاكارتيلاتالمال والنفط والصناعات الثقيلة.

ولا نستغرب أن كل ما صدر حتى الآن في بون ترافق معتفاؤل حذر، ما يبقي الشكوك ماثلة حيال إمكانية التوصل في باريس الى اتفاقية دولية إطارية ملزمة للحد من الانبعاثات وتبني الطاقة الخضراء بديلافي مسار تصاعديعن الوقود الأحفوري بدءاً من العام 2020، خصوصا وأن الدول الكبرى قادرة على إفراغ المؤتمر من محتواه الأهم (الاتفاق الملزم)، وحرف مسار النقاش في اتجاه التعويض عن الدول المتضررة، واستحضار الخلافات بين هذه الدول على غرار ما شهدناه في مؤتمر الدوحة (2012).

ومن جهة ثانية، لا يمكن أن نبني تصورات متفائلة على اندفاع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ولا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، فمواقفهما المتشددة بضرورة تحقيق أهداف باريس، هي في جزء منها مواقف سياسية لكسب ودالأحزاب الخضراءلما تمثل من كتلة ناخبة لا يمكن تجاهلها، بمعنى توظيف المناخ والبيئة في السياسة.

إن الدول الكبرىومنذ مؤتمر ريو دي جانيرو (1992) – فقدت مصداقيتها في موضوع التصدي لظاهرة الاحتباس الحراري، والآمال ستظل معقودة على المجتمع الأهلي، والمشهد الأهم في باريس سيكون في صخب الشارع وليس في قاعة المؤتمر.

ولعل الجماعات الدولية المدافعة عن البيئة التي ارتفع صوتها يوم الخميس (11-6-2015)، كانت أكثر وضوحا حين دعت الحكومات لمنعشركات النفط والشركات الكبرى الأخرى التي تتهمها بتلويث البيئة من أي مشاركة في المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، قائلة إنذلك سيشبه السماح لمن يقوم بعمليات إحراق متعمد بالمشاركة في اطفاء الحريق، وتقدمت الجماعات المدافعة عن البيئة بالتماس بعنوانأطردوا كبار الملوثين بعيدا عن سياسة المناخ“.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This