أنور عقل ضو |
رأى كبير المفاوضين الصينيين، “سو وي” Su Wei، أن الحديث عن الإجراءات المتعلقة بنظام مناخي جديد للأمم المتحدة يسير ببطء شديد لدرجة أنه لم يكن هناك وقت لمناقشة ما إذا كان خفض الانبعاثات سيحقق الهدف المرجو منه“، في إشارة إلى مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ في مدينة بون الألمانية. وفي حديث لـ BBC أشار “وي” Wei إلى أن “الأمر استغرق منا 10 أيام هنا (في بون) لمناقشة مسائل إجرائية ولم نحقق أي تقدم يذكر“.
على المقلب الآخر، ثمة من اعتبر اجتماع قمة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في “شلوس إلمان” في جبال الألب البافارية بمثابة فتح كبير في سياسة تغير المناخ، بعد أن اتخذت الاقتصادات السبعة صاحبة أكبر دخل مرتفع (الولايات المتحدة، واليابان، وألمانيا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا، وكندا) “القرار الثوري” بإزالة الكربون من اقتصاداتها خلال هذا القرن، حتى أن أستاذ التنمية المستدامة ومدير معهد الأرض في جامعة كولومبيا جيفري د. ساكس، أشار إلى أنه “للمرة الأولى في التاريخ، توافق الاقتصادات الغنية الكبرى على الحاجة إلى إنهاء اعتمادها على الوقود الأحفوري“.
مشهدان قريبان في الجغرافيا (بون وبافاريا)، بعيدان في النتائج، لكنهما يظهران حجم الهوة بين الواقع والمأمول، بين المصالح والسياسة، ويفضيان إلى تناقضات تؤكد استحالة تصديق أن عالماً خالٍ من الانبعاثات سينبثق في المدى المنظور.
بالعودة إلى ما أعلنه كبير المفاوضين “سو وي” Su Wei، فقد اتهمت بعض الدول الصين بأنها تحركت لإبطاء أي تقدم في بون، فضلا عن اتهامها بمحاولة إضعاف الرقابة الدولية، ما يضفي الكثير من الالتباس حيال ما أنتج المؤتمر من أفكار ومقترحات، فيما حمل “القرار الثوري” في قمة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى تساؤلات حول “إزالة الكربون من اقتصاداتها خلال هذا القرن“، أي أن ثمة هروبا إلى الأمام مع عدم الالتزام بمهل زمنية محددة، وهذا ما كنا قد أشرنا إليه سابقا من أن الدول الكبرى ستعمد لشراء الوقت للتهرب من التزامات جدية في مؤتمر باريس.
ويأتي انعقاد “مجموعة بيلدربرغ” الخميس (11-6-2015) التي تجمع كل سنة وسط تكتم كبير بحضور القادة السياسيين وكبار أرباب العمل من العالم، وعلى جدول اعمالها لهذه السنة الشرق الاوسط وايران وروسيا واليونان، وسط تأكيد بأن قضايا البيئة ستغيب عن جدول الأعمال، وأن مسألة المناخ لن تكون حاضرة البتة في المناقشات، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ومن المفارقات الغريبة أن يجتمع القادة السياسيون (أصحاب القرار والسلطة) مع كبار أرباب العمل من العالم (الملوثون) دون التطرق إلى قضايا البيئة والمناخ، ما يؤكد أننا أمام مشهد سوريـالي… من بون إلى بافاريا ولاحقا في باريس.