greenarea – وكالات |

طالب البابا فرنسيس باتخاذ اجراءات سريعة لانقاذ كوكب الارض من الدمار البيئي وحث زعماء العالم على الإنصات إلى “صرخات الارض وأنات الفقراء” ما أقحم الكنيسة الكاثوليكية في جدل سياسي بشأن قضية تغير المناخ.

البابا فرنسيس دعا وفي أول وثيقة بابوية كرسها للبيئة إلى “اتخاذ اجراء حاسم الآن وهنا” لوقف تدهور البيئة ومنع زيادة درجة حرارة الكوكب مؤيدا بحق موقف العلماء الذين يقولون إن تغير المناخ من صنع البشر.

وفي رسالته البابوية دعا البابا الى تغيير اسلوب حياة الدول الغنية التي تنغمس في الثقافة الاستهلاكية “الخرقاء” ووضع حد “للمواقف المعرقلة” التي تفضل الربح احيانا على الصالح العام.

وأثار أكثر إعلان بابوي إثارة للجدل خلال نصف قرن حفيظة المحافظين منهم بعض المرشحين الجمهوريين للرئاسة الامريكية ممن انتقدوا البابا لانه أقحم السياسة في العلم.

لكن أول بابا من امريكا اللاتينية قال إن حماية الكوكب “ضرورة” معنوية واخلاقية للمؤمنين وغيرهم على حد سواء تسمو على المصالح السياسية والاقتصادية.

وندد البابا الارجنتيني المولد والبالغ من العمر 78 عاما “بقصر النظر السياسي” الذي قال إنه عطل العمل البيئي البعيد النظر وقال إن “كثيرين ممن يملكون المزيد من الموارد والنفوذ السياسي أو الاقتصادي يبدو انهم يعنون بقدر أكبر باخفاء المشاكل او التستر على اعراضها”.

واعترض البابا على من يقولون إن “التكنولوجيا ستحل جميع المشاكل البيئية وإن حل مشكلتي الجوع والفقر في العالم يكمن ببساطة في نمو السوق”.

وقال إن الوقت ينفد أمام حل مشكلة كوكب “بدأ يبدو وكانه كومة هائلة متزايدة من التلوث” والذي يمكن أن يشهد “دمارا لا مثيل له يحل بالمنظومات البيئية” هذا القرن.

وقال “نحتاج الى ان نرفض من جديد المفهوم السحري للسوق الذي يوحي بأنه يمكن حل المشاكل ببساطة من خلال زيادة ربحية الشركات والأفراد”.

ورفض جدوى مبادلة حصص الكربون قائلا إنها تبدو “حلا سريعا ويسيرا” لكنه قد يفضي الى “صورة جديدة من المضاربات” التي تكرس زيادة الاستهلاك ولا تتيح اجراء “التغيير الجذري” اللازم.

وقال في الرسالة البابوية التي تقع في 200 صفحة “ربما نكون قد تركنا للاجيال القادمة أنقاضا وحطاما وسخائم”.

وقال “إن وتيرة الاستهلاك والنفايات وتغيير البيئة تجاوزت كثيرا قدرة الكوكب لدرجة ان نمط حياتنا المعاصر -الذي أصبح لا يطاق- لن يؤدي الا الى الكوارث مثل تلك التي تحدث الآن وبين الحين والآخر في بقاع مختلفة من العالم .. يتعين أن نفكر في قدرتنا على محاسبة أولئك الذين يجب ان يتحملوا العواقب الوخيمة”.

وأضاف انه “يعول على نتائج أفضل الأبحاث العلمية المتوافرة” ووصف تغير المناخ بأنه “أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الانسانية في وقتنا الراهن” مشيرا الى ان الدول الفقيرة هي التي ستعاني بدرجة أكبر.

وفي عدة مواضع في رسالته البابوية التي تقع في ستة فصول واجه البابا مباشرة من ينكرون قضية تغير المناخ ومن يقولون إنها ليست من صنع البشر.

وقال “هناك إجماع علمي رصين للغاية يوضح اننا نشهد في الوقت الراهن زيادة تبعث على القلق في درجة حرارة المنظومة المناخية .. الانسانية مطالبة بالاعتراف بضرورة تغيير نمط الحياة والانتاج والاستهلاك من اجل مكافحة هذا الاحترار او على الاقل الاسباب البشرية التي تسببه او تفاقمه”.

وقال “صحيح ان هناك عوامل اخرى مثل النشاط البركاني وتفاوتات مدار الارض ومحورها والدورة الشمسية لكن عددا من الدراسات العلمية يوضح ان معظم الاحترار العالمي في العقود الاخيرة يرجع الى التركيز العالي من غازات الاحتباس الحراري -مثل ثاني اكسيد الكربون والميثان وأكاسيد النيتروجين وغيرها- التي انطلقت بصفة اساسية نتيجة للنشاط البشري”.

ودعا الى انتهاج سياسات للحد بصورة “جذرية” من الغازات الملوثة مشيرا الى ان التكنولوجيا التي تقوم على أساس الوقود الحفري “يتعين احلالها تدريجيا دونما ابطاء” مع النهوض بمصادر الطاقة المتجددة.

وانتقد من “يتمسكون بأن الهياكل الاقتصادية والتقنيات الراهنة ستحل جميع المشكلات البيئية”.

ردود فعل مرحبة وأوباما يعبر عن اعجابه الشديد بقرار البابا

وفي ردود الفعل، رحب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون برسالة البابا وحث الحكومة على “اعلاء المصلحة العامة فوق المصالح الوطنية” في هذا المجال.

وفي بيان له ذكر بان كي مون بان تصريحات البابا “تؤكد ان التغير المناخي يشكل ابرز التحديات للبشرية ومسالة اخلاقية تتطلب حوارا يحترم كل مكونات المجتمع”.

وقال ان “البشرية لديها التزام بحماية بيتنا المشترك والارض وابداء تضامن مع الاكثر فقرا الذين يعانون اكثر من اثار المناخ”.

مواقف مرحبة وأوباما يشيد بالبابا لتصريحاته بشأن تغير المناخ

كما لاقت رسالة البابا ترحيبا من الامم المتحدة وفرنسا ومنظمات مدافعة عن البيئة، حيث أعرب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن امله في الاصغاء الى رسالة البابا.

وقال هولاند “فيما تستعد فرنسا لاستضافة مفاوضات حول المناخ، اود ان ارحب بهذه الدعوة للرأي العام العالمي وحكامه”. واعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان رسالة البابا ستساهم “في تعزيز التعبئة” قبل استحقاق كانون الاول/ديسمبر. كما رحب برنامج الامم المتحدة للبيئة برسالة البابا قال رئيس البرنامج أن رسالة البابا تعتبر دعوة “واضحة ليس فقط للكاثوليك وانما لكل شعوب الارض. العلم والدين يتوافقان على هذه المسالة. لقد آن الاوان للتحرك الان”.

 من جهته اعتبر اليوت ديرينغر نائب رئيس مركز حلول المناخ والطاقة، وهو معهد ابحاث اميركي، ان دعوة “البابا تساهم في تقوية الزخم الحالي نحو التوصل لاتفاق في باريس”. واضاف ان البابا “يتوجه الى ضميرنا الجمعي”.

الرئيس الامريكي باراك أوباما أشاد بالبابا فرنسيس لإصداره الوثيقة الباباوية وقال إنه يتطلع الى بحث هذه القضية عندما يجتمع الاثنان في البيت الابيض في سبتمبر ايلول.

وقال أوباما في بيان “أرحب بوثيقة قداسة البابا فرنسيس وأعبر عن اعجابي الشديد بقرار البابا جعل هذه القضية – قوية بوضوح من منطلق موقف سلطته الاخلاقية الكاملة – لاتخاذ اجراء بشأن تغير المناخ العالمي.”

وقال “ومع استعدادنا لمفاوضات المناخ العالمي في باريس في ديسمبر القادم أملي هو ان يفكر جميع زعماء العالم – وكل أبناء الله – في دعوة البابا فرنسيس لأن نتحد معا لرعاية منزلنا المشترك.”

وينحي كل الخبراء تقريبا الى الغازات المسببة للاحتباس الحراري زيادة موجات الحر وسقوط الأمطار وارتفاع منسوب البحار. وتهدف قمة باريس بشأن تغير المناخ الى التوصل الى اتفاق على عدم ارتفاع درجات حرارة الارض أكثر من درجتين مئويتين.

وقد رفع أوباما المنتمي إلى الحزب الديمقراطي موضوع مكافحة تغير المناخ إلى قمة أولويات حكومته.

ويتناقض تأييده للبابا مع بعض مرشحي الرئاسة الجمهوريين في الولايات المتحدة مثل حاكم فلوريدا السابق جيب بوش الذي يقول إن الكنيسة الكاثوليكية يجب ان تبتعد عن هذه القضية.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This