نشرت مؤخرا المجلة العلميةالصحة والبيئة  Health & Environment Journal في عددها الأخير لشهر حزيران (يونيو) 2015 بحثا هاما، تشير نتائجه إلى مستوى عال من التعرض للفتالات Phtalates والبيس فينول أ Bisphenol A في أقسام العناية الفائقة للمستشفيات.

تنتمي مركبات الفتالات الى عائلة إستيرات حمض الفتاليك، واسعة الاستعمال كمواد مليِّنة (ملدِّنات) في صناعة البلاستيك، وفي غيرها من الاستعمالات. تضاف إلى البوليمرات البلاستيكية لتعطيها ميزة المرونة والليونة. تصل نسبتها في بعض أنواع البلاستيك مثل البولي فينيل كلوريد Polyvinylchloride PVC إلى حوالي 50%. وأكثر مركبات الفتالات استعمالا  كملدِّن في صناعة البلاستيك هو ثنائي أثيل هيكسيل فتالات DiEthylHexylPhtalate DEHP، وثنائي بوثيل فتالات DBP وثنائي أوكتيل فتالات DOP غيره.

لقد أصبح معروفا لدى الكثيرين أن مادة البيس فينول أ BPA تستعمل لتصنيع البوليكربونات Polycarbonate  وهي مادة بلاستيكية صلبة وشفافة، واسعة الاستعمال في عبوات تعبئة المياه والمواد الغذائية والسوائل الطبية. وتستعمل أيضا في صناعة اللدائن مثل راتنجات الإيبوكسي Epoxy resins.

تدخل هذه المواد في كثير من الأجهزة والأدوات الطبية، وخصوصا منها واسعة الاستعمال في أقسام العناية الفائقة، مثل الأنابيب وأكياس المصل، والقسطرة لكل الاستعمالات المَعِدِيَّة والجراحية والقلب والشرايين وغيرها.

تنتمي هذه المواد إلى فئة المواد، التي تسبب اختلالا في الغدد الصماء Endocrine-disrupting substances EDCs. وهي بذلك تسبب اختلالا بالتوازنات الهرمونية داخل الجسم، وتؤدي إلى اضطرابات هرمونية لها تبعات خطيرة على سلامة تكوين وعمل الأجهزة المختلفة في جسم الإنسان، ولا سيما الجهاز الجنسي التناسلي.

يحدث أن تنتقل هذه المواد من المعدات والأجهزة والأدوات البلاستيكية إلى السوائل والمواد، التي تمر داخلها أو تخزن فيها، وبالتالي تعرض المرضى الذين على تماس بها. ومعروف أن هذه المواد تتراكم في جسم الإنسان، وترتفع تراكيزها تدريجيا في الدم طوال مدة التعرض لها.

قام المشاركون في هذه الدراسة بتحليل عينات من مصل دم عدد من المرضى ومن بولهم، قبل دخولهم المستشفى في قسم العناية الفائقة، وبعد خروجهم منها. وذلك لتبيان تراكيزها في مصل الدم كمؤشر على وجودها في الجسم وعلى حركية تراكمها فيه، وفي البول لتبيان حركية خروجها منه.

ودلت نتائج الدراسة على أن تراكيزالفتالاتوالبيس فينول أومنتجات أيضها Metabolites، كانت ضعيفة جدا، أي تحت حد الكشف، قبل دخول المرضى إلى المستشفى، وهذا يدل على عدم تعرضهم لهذه المواد مسبقا. ومن جهة أخرى، دلت نتائج التحليل بعد خضوعهم لعمليات تدخل طبي، على أن تراكيز هذه المواد ومنتجات أيضها عالية جدا، وتراوحت ما بين 100 و1000 مرة أكبر من مستوياتها عند الناس غير المعرضين لهذه المواد، المنشورة في الأدبيات العلمية. ويشير الباحثون، أصحاب هذه الدراسة، إلى أن هذه المستويات للفتالات DEHP ومنتجات أيضه هي الأعلى على الإطلاق المسجلة عند الإنسان.

على ضوء نتائج هذه الدراسة والدراسات المماثلة، أصبح ضروريا، وعلى درجة عالية من الإلحاح، الدعوة لتصنيع أدوات وأجهزة ووسائل طبية خالية من هذه المضافات الخطرة على صحة الإنسان، وخصوصا المرضى، ولا سيما نزلاء أقسام العناية الفائقة، لحراجة وضعهم الصحي بشكل عام. وهناك حاجة بالطبع لدراسات تذهب أكثر عمقا باحتمالات تأثيرات هذه المواد السمية والسريرية.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This