تجربة بيئية رائدة في الامارات العربية المتحدة

فادي نصار |

لم يدرك الإنسان حتى أواخر القرن العشرين مدى الدمار الذي ألحقه بالتوازن البيئي على كوكب الأرض من خلال استغلاله الجائر للموارد الطبيعية البيئية، وسعيه الدؤوب لتحقيق المزيد من التقدم والرفاهية، والتلوث والتغيرات المناخية، لذلك تنبه العالم إلى أهمية العمل على وضع قواعد وخطط وإجراءات تكفل حماية ما تبقى من الأنواع النباتية والحيوانية.

ماذا عن الامارات؟

تعد المرتفعات في الامارات بمثابة العمود الفقري للبنية التضاريسية، وطولها 155 كيلومترا، تشكل 2.6 بالمئة من مساحة الدولة، اما الصحراء فهي امتداد لصحراء الربع الخالي، وتمثل الاراضي القارية الداخيلة وتغطي نحو 74 بالمئة من مساحة الدولة.

ويوجد في المياه الاقليمية لدولة الامارات أكثر من200 جزيرة متباينة في الحجم والنشأة والتكوين والأهمية.

والجدير ذكره أن بعض هذه الجزر تكوّن بفعل تكوينات حيوان المرجان وأشجار القرم، النبات الطبيعي والثروة الحيوانية.

قد يصاب كثيرون بالدهشة عند معرفة أن النظام الصحراوي لدولة الإمارات العربية المتحدة يحتوي على 731 نوعا من النباتات، منها أنواع محلية وقليل من تلك الأشجار تم جلبها من مناطق أخرى ووضعت في البرية وبدأت في التأقلم والتكيف مع البيئة المحيطة.

والانواع التي يمكن اعتبارها أصلية وظلت منتشرة هي: أشجار الغاف، السمر، السدر، النخيل، القرم، السنط والكينا،كما يوجد نباتات محلية أقل انتشارا منها: الأثل، التين، اللبان، الأشخر، الفرفر، الآراك مع بعض الأعشاب والحشائش المنتشرة في الصحراء.

وتعتبر الثروة الحيوانية ضخمة في الامارات العربية سواء البرية أم البحرية منها، ونذكر هنا بعض الانواع مثل: الظبي، المها العربي، الفهود والارنب البري، ومن الطيور: الشابص، الحباري، العقاب والشمالية، وطيور مهاجرة مثل: السنونو، الحيا، الخطاف والفلامنغو، اما على صعيد الثروة السمكية، فإن ساحل الإمارات غني بالتونة والماكريل وأنواع أخرى من الأسماك، كذلك توجد وبكثافة أقل أسماك القرش.

لقد تعرض الكثير من الحيوانات التي كانت تزخر بها البيئة للتناقص، وربما للانقراض ما استدعى إنشاء مجموعة كبيرة من المحميات الطبيعية، للحفاظ على ما تبقى منها، ويوجد حاليا 21 محمية طبيعية أعلن عنها رسميا بالدولة، وتشكل 7 بالمئة من مساحة البلاد.

المحميات الطبيعية

محمية الوثبة – أبو ظبي: يعد طائر الفلامنغو من أهم أنواع الطيور النادرة التي اجتذبت إلى المحمية حيث يهاجر إليها أكثر من 1500 طائر، كما توجد أنواع أخرى من الطيور، منها: الزقزاق، الطيطوي الأصفر، البط طويل الذيل، أبو مجروف والطيور البحرية والجوارح وغيرها.

ونظرا لوجود بعض أنواع الروبيان تعدُّ البحيرة المحمية موقعا مثاليا لتكاثر أنواع الطيور الأخرى مثل البط، الكروان وطيور القبرة والطيور المائية.

جزيرة بو طينة: أبو ظبي

تمتاز بتنوعٍ بيولوجي غني وبيئات طبيعية مزدهرة على الرغم من الظروف المناخية والطبيعة القاسية في الخليجِ العربي، مما أهلَّها للترشح في مسابقة عجائب الطبيعة السبع، حيث احتلت المرتبة 28 من بين المناطق الطبيعية في العالم التي وصلت الى التصفية النهائية.

اضف اليها العديد من كبرى محميات الامارات نذكر منها: محمية المرموم، محمية الظليما – الشارقة، محمية كلباء – الشارقة، محمية رأس الخور في دبي، جزيرة صير بني ياس – أبوظبي، محمية جزيرة صير بو نعير – الشارقة وجزيرة مروح.

تجربة بيئية متميزة

رغم كونها من أكبر مصدري النفط في العالم، إلا أن الامارات العربية تعتبر سبّاقة في تبني مصادر الطاقة المتجددة، حيث تقود الجهود العالمية الرامية نحو التحول إلى استخدام الطاقة النظيفة. كما أطلقت مبادرة طموحة في مجال الطاقة المتجددة وهي “مبادرة مصدر” والتي تسعى من خلالها الى خفض الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية التي تعتبر المسؤولة الرئيسية عن زيادة انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي وظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية.

حماية الأنظمة البيئية

منذ الستينيات من القرن العشرين ،تبذل الإمارة جهوداً هائلة لإنشاء وإعادة تأهيل العديد من الموائل الطبيعية ومحميات الحياة البرية التي كانت سبباً في إنقاذ أنواع عديدة من الحيوانات النادرة من حافة الانقراض، حيث أطلقت عدداً من برامج إكثار المها العربي والحباري وغيرها في الأسر وإعادتها إلى البرية، مما ساعد على إعادة توطينها في المناطق التي كانت تتجول فيها حرة طليقة. بالإضافة إلى ذلك، قامت الإمارة بعدد من المبادرات المهمة للحفاظ على خزانات المياه الجوفية مما ساهم في إيجاد توازن إيجابي بين النمو السريع اليوم وحق الأجيال المستقبلية في حياة أفضل.

اخضرار الصحراء

سبقت أبوظبي الكثير من دول العالم في تنفيذ عدد من المشاريع الطموحة لتحويل المناطق الصحراوية القاحلة إلى جنة، ففي عام 1969 أطلق الشيخ زايد سياسة عامة للتشجير مع تأسيس أول غابة اصطناعية في الإمارة في مدينة زايد.

وشهد برنامج التشجير توسعاً سريعاً منذ ذلك التاريخ حتى وصل إجمالي مساحة الغابات والزراعة والمتنزهات الترفيهية إلى نحو 360124 هكتاراً في عام 2004، أو ما يعادل 5.35 بالمئة من المساحة الإجمالية للإمارة. وتمثل الغابات اليوم أكثر من 70 بالمئة من إجمالي المساحات الخضراء في الإمارة، بينما تمثل المزارع 28 بالمئة والمتنزهات نحو 2 بالمئة.

يوم البيئة الوطني

تحتفل دولة الإمارات سنوياً بيوم البيئة الوطني والذي يصادف الرابع من شهر فبراير من كل عام لتسليط الضوء وتكثيف الجهود حول إحدى القضايا البيئية الهامة في الدولة.

أسبوع التشجير

تقوم البلديات في سائر أنحاء الدولة سنوياً بتنظيم أسبوع التشجير بهدف توعية الجماهير بأهمية زراعة الأشجار.

إستدامة

“إستدامة” هي مبادرة أطلقها مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني، الجهة المسؤولة عن مستقبل البيئة العمرانية لإمارة أبوظبي، في أيار (مايو) 2008.

إدارة النفايات في أبوظبي

ويعدُ إعادة التدوير مفهوما جديدا نسبيا على دولة الإمارات ، إلا أنه على مدار السنوات الماضية، ظهرت عدة مبادرات لإرساء البنية التحتية الضرورية، لعملية إعادة تدوير كافة المخلفات بإشراك الأهالي في فرز النفايات، ولتسهيل عملية الفرز أطلق مركز إدارة النفايات في أبوظبي عام 2009 آلية جديدة لإدارة النفايات، حيث قام بتزويد المنازل بنوعين من الحاويات، الحاويات الخضراء المخصصة للمواد القابلة للتدوير مثل المعادن والبلاستيك والورق، وأخرى سوداء للنفايات غير القابلة للتدوير مثل المواد الغذائية.

وتم إرسال متطوعين للتدريب في المنازل على عملية الفرز، كما تم إطلاق حملة إعلامية مكثفة بعنوان “افرز فهي عادة لديك“، وذلك في كافة الصحف الرئيسة.

مبادرة وزارة البيئة والمياه

وفيها ناشدت جميع المواطنين باستخدام بدائل أخرى غير الأكياس البلاستيكية، مثل القطن أو الحقائب القابلة لإعادة التدوير بحلول عام 2013، وأن يعيدوا استعمال الأكياس البلاستيكية لأكثر عدد ممكن من المرات بدلا من التخلص منها على نحو فوري ومن ثم زيادة التلوث البيئي.

حملة جمع علب الألمنيوم،

ومن المبادرات الهادفة لتقليل تراكم علب الألمنيوم، انطلقت حملة جمع علب الألمنيوم عام 1997، نظمتها مجموعة عمل “الإمارات للبيئة” تم من خلالها جمع 137,149 كيلوغراما من العلب من أن تنتهي في مكبات النفايات وأعيد تدويرها.

على الرغم من كل ذلك، صُنفت مؤخرا  دولة الامارات العربية المتحدة كونها الاسوأ، مع هواء يحتوي على 80 ميكروغراما من الملوثات لكل متر مكعب، في حين يحتوي الهواء في الصين على 73 ميكروغراما، أما في الهند فملوثات الهواء تصل الى 32 ميكروغراما، وذلك حسب ما جاء في التقرير السنوي للبنك الدولي حول المؤشرات البيئية العالمية.

تبقى الاشارة ان دولة الامارات العربية لها تجربة رائدة في مجال العمل البيئي، الا ان هذا وحده لا يكفي مالم تتوقف كبريات الشركات النفطية عن إطلاق الغازات الملوثة، وان تجد الحكومة حلا للغازات التي تنفثها وسائل النقل في الامارات، لكن ذلك لا يقلل من أهمية الدور البيئي الرائد لدولة الامارات.