بدا موقف وزير البيئة محمد المشنوق في تصريح أدلى به اليوم مُستغرباً، لجهة تأكيده أنه لا يستبعد أن “يفرض موضوع النفايات نفسه على جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس”، لا بل أعلن أنه “إذا لم يثر أحد هذا الموضوع فسأثيره أنا من دون أن يعني ذلك بالضرورة التغطية على موضوع آلية عمل الحكومة”!. ما يدعو للتساؤل بداهةً، أن الوزير المشنوق لا يعلم من الآن أن ملف النفايات قد يفرض انعقاد جلسة طارئة لمجلس الوزراء، أو أن جلسة الخميس ستكون مخصصة أساسا لبحث هذه القضية وتقديمها على ما عداها من قضايا، وسط آفاق مسدودة مع قرار “التيار الوطني الحر” الرافض لإقرار أي بند قبل بحث آلية عمل مجلس الوزراء. وفي قراءة لتصريح اليوم بدا الوزير المشنوق في ما أعلن عنه لجهة “إثارة الموضوع في مجلس الوزراء” أنه لم يتخطّ تأكيد المؤكد، وأن تصريحة يعكس ارتباكا وهو يبحث في مكان ما عن “انتصار” ليخفي إخفاق وزارته منذ تشكيل الحكومة، وهي وعدت المعتصمين في الناعمة منذ تشكيلها أن التمديد للمطمر سيكون لسنة واحدة غير قابلة للتجديد. لا نعرف إلى ماذا استند المشنوق في قوله اليوم “إن خمس من ست مناطق باتت قادرة على تطبيق النظام الجديد”، فهل يقصد تشريع المكبات العشوائية؟ ومن ثم لم يحدد المشنوق ماذا يقصد بـ “النظام جديد”، خصوصا وأن هذا المصطلح يشي بتحولات جذرية أبعد من قضية النفايات!؟ واستدرك “لا مشكلة في أن يهاجمني أحد وأعرف لماذا يتحدثون وما هي منطلقات البعض ورغباتهم، والاكيد أننا متفقون على ضرورة أن يكون لدينا حل ثابت فلا يمكن أن نخترع حلولا جزئية، وليس صحيحا أننا تأخرنا في إجراء المناقصات فموضوع مضى عليه 17 أو 18 سنة لا يمكن حله بشهر”، لكن ألم يعد المشنوق بمقاربة هذا الملف مقاربة علمية وإيجاد حلول في غضون سنة، ومن بعدها في غضون أشهر؟ إلا أن الكارثة في ما ساقه وزير البيئة تمثلت في قوله “إذا كنا سنذهب الى المحارق بعد 4 أو 5 سنوات ماذا نفعل حتى ذلك الموعد؟ علينا إيجاد حل منطقي وعملي وليس حلا نظريا”. ويعلم المشنوق أن لا إمكانية لتمرير صفقة المحارق، وسبق أن تحدثنا إليه حول هذا الموضوع، وقال يومها “المحارق من الحلول المطروحة”، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الدول الاوروبية واليابان التي اعتمدت المحارق التي يتحدث عنها وزير بيئة لبنان تخلت عنها نهائيا. ومن ثم ماذا ستقدم “الدورة الجديدة لمناقصة بيروت خلال 15 يوما؟”، وقوله “فإذا تقدم احد أهلا وسهلا وإذا لم يتقدم نرفع الموضوع الى مجلس الوزراء لأخذ قرار. ان معالجة النفايات تفترض تجاوبا وتعاونا من المواطنين، ووجود 11 عارضا شاركوا في المناقصات دليل على أنهم وجدوا مواقع للطمر، فلنصل الى خواتيم سليمة بدل القول لا نريد أن يرمي أحد نفايات عندنا، فلا أحد سيرمي عند أحد عندما يمشي النظام إنما من الآن الى حينه علينا أن نتحمل بعضنا، والحد الاقصى للمرحلة الانتقالية هي ستة اشهر ونحن سنعمل دونها”. وعن إمكانية استقالته سأل: “لماذا سأستقيل وسأخدم من؟ أريد خدمة الناس بحل المشكلة ومن خلال متابعة القضية بطريقة صحيحة، ونطلب من الناس أن تصبر. أنا أحيي اهالي الناعمة الذين صبروا 17 سنة قبل أن يتحركوا، وأود تحية الباقين ولكن أقول لهم إصبروا علينا، فلم نبدأ بعد بإرسال غرام نفايات اليكم حتى تباشروا قطع الطرقات”. إن معالجات وزارة البيئة والحكومة مجتمعة كانت وستبقى معالجات قاصرة غير قادرة على الوصول بملف النفايات إلى خواتيمه المرجوة، ويدرك المشنوق أنه لو كان وزيرا في بلد أوروبي لقدم استقالته منذ فترة بعيدة، ولكنه بدلا من أن يبقي قضية النفايات – قدر المستطاع – بعيدا من مافيا السياسيين، فإذا به يأخذها طوعا إلى دهاليز السياسة، وهنا لا نحمل المشنوق تبعات الفساد في هذا الملف، ولكنه ارتضى دورا ينافي موقعه كوزير للبيئة مؤتمن على صحة اللبنانيين ومستقبلهم. ومن ثم لماذا اللعب على تناقضات السياسة واستحضار الطوائف والمذاهب والمناطق؟ أوليس في ذلك هروب إلى الأمام، لا سيما في قوله: “من يسكنون في بيروت هم من عدة مناطق ومن عدة طوائف ومذاهب وعلينا أن نحمل هذه المسؤولية سويا، فلا يمكن لأحد أن يعيش في بيروت أو في ضاحيتيها ويقول دبروا أنفسكم بزبالتي في بيروت وأنا في منطقتي المشكلة محلولة فهذا أمر غير جائز، الحل لبيروت هو بإنشاء محرقة أو محرقتين تولدان الكهرباء في الوقت ذاته. بيروت لا تنتج 3 آلاف طن من النفايات بل جبل لبنان وبيروت. إن بيروت الادارية لا يوجد فيها أكثر من 500 طن ومع ضاحيتيها يرتفع الى 1300 ونحن لا نريد أن نرمي نفايات بيروت في الناعمة ولكن لنتفق ان الناعمة موجودة في القسم الجنوبي لجبل لبنان وعلينا ايجاد حل، فهل سنفتح مطامر جديدة أم سنستعمل هذا المطمر الى حين تنفيذ الخطة؟”. وتالياً، إن مطمر الناعمة استنفد قدرته الاستيعابية، وما أشار إليه المشنوق يضمر استملاك أراض جديدة. وفي قوله “يمكن أن يتكلم البعض في موضوع النفايات وأن يعمل بطولات ويتحدى، ولكن نحن لا نتحدى أحدا بل نطلب تعاون كل مواطن لبناني، وخطة النفايات ستمشي ضمن إدارة سيشرف عليها اتحاد البلديات والحركات البيئية والمجتمع المدني”، ونقول للوزير المشنوق أن من حق من عانوا الأمراض وفقدوا أحبة أن يحتفلوا ويتحدوا ويقيموا حلقات الرقص والاحتفال بعد سبع عشرة سنة من تمييع قضية بيئية وصحية. وعما ينتظر الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء أوضح المشنوق أن “مسألة الخطوط الحمر فهي كناية عن شروط تفرض نفسها، أولا ألا نأخذ أي موضوع من صلاحيات مجلس الوزراء وثانيا ألا نخالف الدستور”، فمن خالف الدستور وأصدر قرارا بمعزل عن مجلس الوزراء؟  

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This