على مستوى الوطن من شماله إلى جنوبه عدنا عشرين عاماً إلى الوراء، أكثر من ألف ومئتي مكب عشوائي للنفايات “ترصع” الشوارع والوديان والجبال والأنهار والتلال مخلفة وراءها أبشع صورة جمالياً، بيئياً وصحياً، وأول تأثير، يتمثل في تردي نوعية الهواء في هذه المكبات، من خلال انبعاث الروائح الكريهة الناتجة عن تحلل المواد العضوية ذات النسب العالية في النفايات وخصوصا في لبنان حيث تصل إلى 50 بالمئة في بيروت و 60 بالمئة في الجبال. يزداد تلوث الهواء أكثر ويصبح غير محتمل في حال إحراق النفايات لتخفيف حجمها، وبالرغم من الحرق يبقى الحجم يناهز 8 إلى 15 بالمئة من الحجم الأساسي، وهنا الطامة الكبرى، مع إنتاج غازات سامة، منها: غاز الميتان والكبريتيد والهيدروجين وأول أوكسيد الكربون وثاني أوكسيد الكربون، وغاز الأمونيا وأبخرة المواد السامة المنبعثة في المكبات، والفضلات الناتجة عن صناعة البلاستيك والأصباغ التي تؤثر على الجهاز التنفسي وتسبب أمراض القلب وأمراض الرئة وتهيج العيون وأمراض خطيرة (سرطان الرئة). والموضوع الأخطر بما لا يقاس، هو حرق النفايات الطبية، أهم مصادر الديوكسين، فهناك 75 مادة كيميائية تبعثها في الهواء وتدخل السلسلة الغذائية في مناطق بعيدة عن المكبات فتنقلها الرياح إلى خارج مناطقها، وتعتبر اللحوم ومشتقات الحليب والبيض والأسماك المواد الغذائية الأساسية التي ينتقل الديوكسين عبرها والذي يسبب السرطان للإنسان. ونصل إلى موضوع الحشرات والفئران والكلاب الضالة التي تتجمع حول هذه المكبات والحشرات تنقل الميكروبات إلى الإنسان بشكل مباشر. إذا تركنا زوجاً واحداً من الفئران على النفايات للتزاوج لمدة 3 سنوات فتكون النتيجة 3,6 مليون فأر! مثل آخر لا يقل خطورة، خلال عشرين يوماً كل كلغ من النفايات العضوية يحمل 1000 ذبابة، وكل ذبابة تحمل 6 مليون ميكروب وتنقل 42 مرضاً للإنسان والحيوان. ونصل إلى التلوث الذي لا يقل خطراً، وهو تلوث مصادر المياه والخطر على نوعية المياه ونسبة عصارتها، وهي من مخلفات المصانع والمستشفيات والنفايات العضوية الرطبة فينتج تلوث المياه السطحية وتلوث الأنهار والعيون والينابيع الجارية والأودية، وبعد سقوط الأمطار يزداد الوضع سوءاً بما لا يقاس، ويتعرض الإنسان للأمراض الفيروسية في الكبد والتيفوئيد، والتلوث بالزئبق من أخطرها. ونصل إلى تلوث المياه الجوفية التي تعد الخزان الحقيقي للوطن، وتلوث التربة والنبات بحيث تُسدُّ مسامات التربة فتتغيّر خصائصها الفيزيائية، ومن أخطر نوعية النفايات في المكبات، البطاريات المستهلكة، وفيها الرصاص والكادميوم والصوديوم الأكثر سمية للتربة، هذا غيض من فيض والمساحات لا تتسع لسرد أضرار المكبات. هذه المكبات، هي رديف للموت، رديف لكل ما هو بشع، ولكل ما يتعارض مع روعة وعظمة وابداع الطبيعة. قليلاً من تحمل المسؤولية يا سادة، والكرسي لن يدوم لأحد بل سيلفظ كل من خانه ودمره ودمر معه ثقة المواطن، وكلمة من القلب والعقل والوجدان، عندما تضعوا الحلول يا سادة خذوا بعين الإعتبار رأي جمعيتنا “طبيعة بلا حدود” كجمعيّةٍ بيئية طرحت الحل العمليّ الأمثل لمشكلة النفايات على صعيد الوطن منذ أحد عشر عاماً، فرزاً من المصدر وصولاً إلى مصانع التدوير في بلدة العبادية، ووصل عدد ربّات البيوت اللّواتي شاركن في الفرز من المصدر أكثر من مئتي سيدة، نحن نفتخر بنضالنا البيئي، ربع قرن من الزمن تفضّلوا واستفيدوا من خبرتنا مع كامل مودّتنا واحترامنا لكل الحلول المطروحة. *رئيس “جمعية طبيعة بلا حدود”

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This