للأسبوع الخامس على التوالي، لا تزال النفايات متراكمة في الشوارع والساحات، وغطت كل المساحات والأماكن. فجأة استشعرت الحكومة، على لسان من تبقى لهم لسان منها، أن الخطر داهم مع قدوم المطر في الأيام القادمة. لم يهتزوا لمنظر النفايات تتراكم في شوارع العاصمة والمناطق الأخرى. لم يتحسسوا لمشهد اللبنانيين واللبنانيات وهم يغطون أنوفهم ويمشون بحذر وخوف على جانب أكوام النفايات في عاصمتهم العربية، التي تحررت بقوة مقاومتها، وطردت الغازي الصهيوني بأقل من أربعة أيام، وإذ بها تعجز عن تحريرها من أكوام الزبالة، التي قذفتها في وجوههم سياسات الحكومات المتعاقبة حيال النفايات وإدارتها. سياسات اعتبار ملف النفايات بقرة تحلب ذهبا، وليس ملفا بيئيا صحيا بامتياز. فجأة دبوا الصوت والصراخ، ليس هناك وقت لشيء، إلا إزالة النفايات من الشوارع. فالنقاش في قرارهم الغامض والمفضوح في آن معا، هو عبث الآن، وترف ورفاهية لا يستحقها اللبنانيون، وخصوصا البيئيون منهم. فاللحظة لا تحتمل إلاَّ تمرير الخطة الغامضة، والواضحة في آن، التي لم يرعوِ أبطالها بعد من مرارة تجربة الاستثمار في ملف النفايات طمرا، ولا ضير في ذلك، وفي المحارق، وهي بيت القصيد الحقيقي لهذا الغموض المقلق، والذي لا يخلو من خبث. نعم يهمنا قبلكم، وأكثر منكم ومن ادعاءاتكم بالحرص الناشىء فجأة عندكم. فصوتنا لم يهدأ لحظة في التحذير من مخاطر تراكم النفايات، ومن حرقها في الشوارع، ومن استمرارها تنغص حياة اللبنانيين، وتهددهم بأكبر المخاطر الصحية والبيئية. نعم أزيلوا النفايات من الشوارع اليوم قبل الغد، وكان يجب أن تزيلوها منذ اليوم الأول. بل أكثر من ذلك، كان عليكم أن تتفادوا الوصول إلى هذه الكارثة، باستباق سياسات وإجراءات ذكية في وقتها ولم تفعلوا. نعم أزيلوا النفايات من الشوارع، ولكن أقل الإيمان، مرروها إلى معاملكم في الكرنتيا والكورال والعمروسية وغيرها، وشغلوا ما هو جاهز ومعطل بقرار من بعضكم، لإزالة المعادن منها قبل التصرف بها والتخلص منها. لا ضير أن تشغلوا عمالكم نوبات ثلاث للإسراع في إزالة آثار كارثة إدارتكم الفاشلة للنفايات على مدى السنوات السابقة، وحتى اليوم، وتسعون لتمديدها من خلال خطتكم الأخيرة. إنزعوا منها المعادن، فتكونوا قد خففتم إلى درجة مقبولة، مخاطر التخلص منها دون ذلك. فالتفاعلات المتوقعة بين المواد العضوية، بمركباتها، التي بدأت بالتعفن، وبالأحماض العضوية، التي بدأت تتكون في عصارتها، وبين المعادن، هي المسار الذي يتولد عنه لائحة طويلة من المركبات الضارة، والتي تتمتع بخواص سمية – بيئية معتبرة. إنزعوا المعادن منها، وإذا كان ذلك ممكنا، أزيلوا منها كل ما هو صلب، ليصبح التخلص من الكونات العضوية أقل أثرا على البيئة. نعم أزيلوا النفايات من الشوارع، اليوم قبل الغد، وهذا لا يشترط الإجماع على خطتكم المشبوهة. فمعركتنا مع خيارات الطمر والحرق، مزراب الهدر والكلفات العالية والصفقات المشبوهة، الممزوجة بمخاطر بيئية كبيرة اليوم وعلى المدى البعيد، وبتهديدات خطيرة على الصحة العامة لهذا الجيل والأجيال القادمة، مستمرة وستستمر. وسعارها لم يبدأ بعد.      

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This