كان يعتقد حتى فترة قريبة أن الصنوبر الموجود في شرق المتوسط هو الصنوبر الحلبي (Pinus halepensus)، لكن تبين في الدراسات الحديثة أن الصنوبر الحلبي نادر الوجود في سوريا، وقد عثر على بقع صغيرة في منطقة القدموس. إن الصنوبر البروتي (Pinus brutia) يختلف كثيراً من النواحي البيوكيميائية  والمورفولوجية والتشريحية عن الصنوبر الحلبي، وإن البروتي هو الذي يشكل الغابات الطبيعية في سوريا ولبنان وقبرص والعراق واليونان. تعد غابات الصنوبر البروتي من الأنظمة البيئية الأساسية في شرق المتوسط عامة، وفي سوريا بشكل خاص، فهي مرتبطة بحياة الانسان الحاضرة والمستقبلية، لأنها تسهم إسهاماً أساسياً في المحافظة على التوازن البيئي للمناطق التي تنتشر فيها والمتاخمة لها، فهي تحافظ على التربة والمياه، وتسهم كمصفاة طبيعية تساعد على تنقية الجو من الغبار وفضلات الصناعات، وفي إغنائه بالأوكسجين، كما تؤمن مورداً هاماً من الأخشاب التي تلاقي استعمالات عديدة في الصناعات التقليدية والحديثة، إضافة لذلك فهي تؤمن ملجأً للاستجمام والراحة والنزهة في بلاد تشتد فيها درجة الحرارة خلال عدة أشهر من السنة. والغابات السورية الطبيعية عبارة عن 50 بالمئة ماكي (شجيرات مختلطة) و25 بالمئة غابات صنوبرية و25 بالمئة غابات متساقطة الأوراق (مساحة الغابات الطبيعية في 232000 هكتار). تغطي غابات الصنوبر البروتي طبيعياً مساحة 50000 هكتار، بينما غابات الصنوبر الحلبي تغطي مساحة لا تتعدى 300 هكتار فقط، من المسلم به أن الغابات المخروطية أكثر كفاءة في تخزين الكربون، حيث يقدر المعدل السنوي لنمو المخروطيات بشكل وسطي 3,25 طن من المادة الجافة /هكتار/سنة، بينما معدل النمو السنوي لعريضات الأوراق يشكل 1,25 طن مادة جافة /سنة/هكتار. من الواضح أن المخروطيات عالية الحساسية للتغيرات المناخية ولارتفاع درجات الحرارة، نظراً لاحتوائها على الراتنجيات ومواد تنينية أخرى، نخص بالذكر هنا غابات الصنوبر البروتي والتي تشكل القسم الأكبر من الغابات الأوجية في سوريا والتي تعتبر الأكفأ في امتصاص الكربون، كما أن كتلتها الحيوية هي الأفضل بين الغابات السورية، وبالتالي فإن احتراقها يطلق كميات  كبيرة من الكربون المخزن في كتلتها الحيوية، إضافة لازدياد المساحات المحروقة من الصنوبر البروتي خلال فترة الأزمة التي تعيشها سوريا منذ خمس سنوات، فإن الإصابات الحشرية والمرضية تزداد حدتها عاما بعد عام. أظهرت شجرة الصنوبر البروتي تكيفاً كبيراً مع شروط بيئية متنوعة من حيث المناخ والتربة، مما شجع على استخدامها في التشجير الحراجي بشتى أنواعه (الانتاجي والوقائي والتزيني)، نظراً لجودة أخشابها ومقاومتها للظروف البيئية السيئة، وبغض النظر عن المنفعة المباشرة وغير المباشرة لهذه الغابات، فإن علينا مسؤولية كبيرة تجاه الأجيال القادمة لنؤمن لأصحابها بيئة صحية لحياة الانسان، وفي الوقت نفسه تكون منتجة لتؤمن له مستوى حضارياً لائقاً.  

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This