يبالغ المبعوث الخاص لرئيس الجمهورية الفرنسية في قمة باريس للمناخ COP21 نيكولا أولو بالتفاؤل، بالاستناد إلى إعلان 168 دولة عضواً في “الاتفاقية الإطاريّة في شأن تغيّر المناخ” قدّمت للمرّة الأولى وثائق رسميّة تحدد فيها مساهماتها الوطنيّة المتعلّقة بخفض انبعاث غازات الدفيئة، وصولاً إلى العام 2030 بهدف لجم تلك الزيادة عند حدود 2.7 درجة مئويّة.

وهذا السقف يبقي هواجس خبراء البيئة قائمة ومشروعة، فهم يؤكدون أن الهدف في وقف الزيادة في ظاهرة الاحتباس الحراري لا بد وأن لا تتخطى عتبة درجتين مئويّتين بحلول العام 2110، علماً أن ثمة إشكاليات وعقبات متصلة بآليات تطبيق الدول لالتزاماتها، وهنا ثمة يتحدث عن سيناريوهات أشد قتامة، مع تسجيل ارتفاع دراجات الحرارة مستويات قد تصل إلى خمس درجات.

وإذا ما أخذنا حدود التفاوت بين الـ 2.7 درجة مئويّة والدرجتين المئويتين، فهذا يعني أن الدول تتلاعب بمصير الكوكب، فارتفاع الحرارة أكثر من درجتين تترتب عليه مخاطر وكوارث كبيرة، بمعنى أن العالم سيكون قد وصل إلى حافة الهاوية مع التعرّض لكثير من آثار الظواهر المناخية المتطرفة، كالجفاف والتصحر والعواصف والفيضانات وارتفاع مستويات البحار وغيرها، وهذا ما أكده علماء في مؤتمر باريس قبل أيام.

في رصد ومتابعة دراسات محايدة، نصل إلى نتيجة مفادها أن كوكب الأرض سيشهد نهاية القرن الحالي ارتفاعا في درجات الحرارة إلى مستوى خمس درجات مئويّة، بحيث يصبح مناخ الأرض أقرب ما يكون إلى أفلام الخيال العلمي، مع كوارث متلاحقة تهدد بفناء الجنس البشري وكل معالم الحياة على الكوكب.

لا شك أن مؤتمر باريس تخطى من حيث المسؤولية التاريخية والأخلاقية للدول ما سبقه من مؤتمرات، ولكن ليس إلى الحد المأمول، فضلا عن أن البدء في تنفيذ بنود الاتفاق المرتقب سيكون في العام 2020، ما يعني أن ثمة وقتاً ضائعا، وهناك من يرى أن هذه الفترة الزمنية ستوظف في الانتقال إلى اقتصاد عالمي خالٍ من الكربون، فيما يرى آخرون أن السنوات الخمس الفاصلة عن موعد تنفيذ الاتفاق ستشهد ارتفاعا غير مسبوق في استخدام الطاقة الأحفورية (الفحم، الغاز والبترول)، ما قد يترافق مع ارتفاع درجات حرارة الأرض إلى مستويات تدمّر البيئة

حتى أن اندفاعة المستشار البيئي الأول في قصر الإليزيه نيكولا أولو نجدها مرتبكة حين أشار إلى أن أحدا لا يمكنه التكهّن بما سيتمخّض عنه مؤتمر باريس، “لكن هناك ما يدعو للأمل”، أي لجهة الخروج باتفاق جاد وملزم للدول كافة، في شأن التخفيض الفعلي من انبعاث غازات الدفيئة المسبّبة لاحترار كوكب الأرض.

لقد حدد المؤتمر إلى الآن العناوين، وهي لم تكن يوما المشكلة، والكل متفق على حقيقة أن الأرض تتجه نحو الكارثة، وسط إعلان الجميع تحمل المسؤولية، إلا أن ما يعتبر مبعثا للقلق سيظل ماثلا في القدرة على ترجمة المخاطر إلى اتفاق ملزم في حدود وحجم هذه المخاطر، ويساهم تاليا في لجمها، وهنا مكمن القلق في أن يغرق المتحاورون في بحر التفاصيل، ويبتعد المؤتمر عن بر الأمان، الذي وللأسف وإن لاح للمؤتمرين وبدا في لحظة أنه في متناولهم، إلا أنه في الواقع ما يزال بعيدا، وليس ثمة إلى الآن أرض ثابتة للوقوف عليها!

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This